مقابلات
أم تدعم الصحة النفسية مع أطفالها عن طريق الفن
أثناء تصفحي للإنترنت وخاصة لموقع إنستغرام في الأسابيع الماضية، صادفت حساباً جديداً (Ropes of Hope). لفت نظري الاسم والفكرة من ورائه، ثم تبين لي أنها مبادرة/عمل فريد من نوعه تم إنشاؤه بواسطة أحد خبرائنا في 360Moms، "ندى دخيل" وهي أخصائية نفسية إكلينيكية، أم لولدين، وفنانة موهوبة للغاية!
لذلك، كان عليّ إجراء مقابلة معها لمعرفة القصة وراء هذا المشروع الجديد والرسالة التي أرادت إيصالها من خلاله: وهي دعم الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة النفسية، من خلال التبرع بنسبة من أرباحها لدعم علاجاتهم أو تقديم خدماتها كاستشارات مجانية!
سأخبركم المزيد عن ندى قبل أن نتعمق أكثر في المزيد من التفاصيل: لقد ولدت ندى وتعلمت في لبنان، وهي الآن تقيم وتعمل في عمّان منذ عام 2009، فقالت: "اعتبر نفسي محظوظة بالعمل في King's Academy كأخصائية نفسية ومرشدة، لما يقرب من عقد من الزمان حتى الآن، كان هذا بمثابة طريق مليء بالشغف والتعلم بالنسبة لي"، وبالإضافة إلى علم النفس، فقد كرست دائماً وقتاً للفنون وخدمة المجتمع، فقالت: "لطالما كنت فتاة كشافة وأشعر أنني ما زلت كذلك!".
تكونت لدي بعض الأسئلة التي طرحتها على ندى بخصوص مشروعها الجديد، وقامت هي بالإجابة عليهم بطريقة مدهشة، إليكم تفاصيل ما دار بيننا!
- ما هي القصة وراء (Ropes of Hope) أو بالعربية حبال الأمل؟
Ropes of Hope هو مشروع شرعت فيه أنا وعائلتي لتعزيز ورفع الوعي عن الصحة النفسية بطريقة مرحة وجديدة. فهو يجمع بين شغفنا بالفنون والحرف اليدوية وشغفنا بخدمة المجتمع.
في الأساس، نقوم بصنع وابتكار منتجات مثل سلاسل المفاتيح والمكرمات والمزهريات وغير ذلك، ونستخدم الربح لخلق الوعي ودعم الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف استشارات الصحة النفسية - سواء من خلال دعمي الشخصي أو من خلال إحالتهم إلى الدعم المطلوب.
بصراحة Ropes of Hope مرتبطة أيضاً بشكل كبير بأسلوب حياتنا عبر الإنترنت - حيث كان أطفالي يتعلمون عن بعد وأنا أيضاً عملت عن بعد منذ عدة أشهر.
اخترنا دفع أنفسنا خارج روتيننا اليومي وما اعتدنا عليه، وذلك باستخدام منصات التواصل الاجتماعي للترويج لقيمنا ومشاريعنا وإبداعاتنا؛ والتي نأمل أن تحدث تأثيرات إيجابية قليلة من حولنا!
- لفتني شعار المشروع "مش معقّد"، لماذا قمت باختياره بالذات؟
الرسالة الرئيسية هي إزالة وصمة العار عن الصحة النفسية وتطبيع الحديث عن الصحة النفسية. مش معقد (غير متشابك أو غير معقد) هو تلاعب بالكلمات لأن الحبال عادة ما تتشابك. ويمكن وصفها بأنها معقدة، ولكن لا ينبغي أن يصنف الناس على هذا النحو! هذه التسمية للحبال وليست للناس!
يدور هذا التلاعب بالكلمات حول وصمة العار الكبيرة والمفهوم الخاطئ الذي يعتبر الشخص الذي يكافح كشخص معقد. هذا الاعتقاد قديم جداً، ومع ذلك لا يزال جزءاً من لغة الناس وتصوراتهم. وبصراحة شديدة، أتمنى القضاء على هذا الاعتقاد الخاطئ تماماً!
- شاركينا ثلاثة أسباب رئيسية تجعل الصحة النفسية مهمة وأننا بحاجة إلى زيادة الوعي عنها؟
- أن نكون واعيين عاطفياً أو أن نكون مثقفين عاطفياً لا يقل أهمية عن معرفة الأرقام والحروف الهجائية مثل الأطفال - ومع ذلك نادراً ما يتم مناقشتها وتدريسها في المدارس أو في المنازل.
- ومن هنا تأتي الحاجة المتزايدة لرفع مستوى الوعي لدى الكبار. فإذا لم نكن واعيين عاطفياً لن نستطيع أداء مهامنا كأزواج وقياديين ومربين على أكمل وجه.
- الوعي بصراعات الصحة النفسية هو مفتاح التشخيص المبكر والعلاج المبكر. هذه الخطوات مهمة لأسباب تتعلق بالصحة والسلامة. إن تأثير الاضطراب غير المُشخَّص وغير المُعالج صعبٌ للغاية على الشخص نفسه وأحبائه وعملهم وغير ذلك.
- الحياة تسير بنا لا محالة، تحدث الخسائر والفشل.. الانفصال.. الطلاق. تحدث الكوارث الطبيعية.. الصراعات والحروب، حتى الأوبئة!! المعرفة العاطفية هي المفتاح للتأقلم بشكل أفضل مع ما ترمي به الحياة، سواء اخترنا ذلك أم لا ...
- لماذا اخترت هذا النوع من المنتجات على وجه التحديد؟
بصراحة، كان من الممكن أن يكون شكلاً آخر من أشكال الفنون والحرف اليدوية، رسم، خياطة وما إلى ذلك، وسأتساءل دوماً عما إذا كان يجب علي أن أترك هذا المشروع مفتوحاً بشكل أكبر، فلا يقتصر على "الحبال". لكني أحب بشكل خاص القصة الكامنة وراء كيفية تعرفي على حبال "المكرمة".
إليك القصة: في يوليو 2020، تم تعيين طالبة جديدة (تبلغ من العمر 16 عاماً فقط) للانضمام في King’s Academy في مجموعتي الاستشارية، هي أردنية تعيش في الولايات المتحدة. قررت بشجاعة الانضمام إلى مدرستنا على الرغم من الاضطرابات التي أحاطت بكل المدرسة خلال هذا الوباء. كجزء من انضمامها إلينا، كان يجب عليها البقاء في الحجر الصحي المنزلي لمدة 3 أسابيع كاملة!
كانت ملتزمة جداً من أجل صحتها الجسدية والنفسية وانضمت إلينا في جميع أنشطتنا لدعم صحتها عبر الإنترنت. كما أنها فنانة، مثلي تماماً، تتأقلم باستخدام يديها.
لقد كانت أول شخص عرفني على "المكرمة"! نفدت الحبال التي بحوزتها في يوم من الأيام ولكي أشعرها بالدعم والاهتمام، قررت أن اشتري لها بعضاً منها، فقمت بالبحث من المحال التجارية التي تبيعها وأصبحت محترفة في ذلك.
بعدها، لم أستطع منع نفسي الفضولية عن تجربة هذه الحرفة وتعلم تقنياتها، ساعدتني دروس Youtube التعليمية على التعلم، فتعلمت الكثير من مهارات وعقد المكرمة.
لكنني لم أرغب فقط في صنع المكرمات التقليدية، فبدأت في الجمع بين المواد والتقنيات لأحصل على معروضات فنية فريدة. حتى أنني قمت باستخدام الخردوات في بعض الأحيان والأسلاك والصوف وغيرها الكثير كما لاحظت!
- ما الذي ألهمك للبدء؟
عندما بدأت في نشر ما كنت أقوم بصنعه على صفحتي الخاصة، تلقيت العديد من التعليقات "لماذا لا تبدئين بالبيع؟"... علمت في صميمي أنني إذا كنت سأبيع شيئاً في يوم من الأيام، فسيكون ذلك لدعم قضية معينة. وبالطبع، لم أكن مضطرة للتفكير مرتين بشأن ذلك لأنني شغوفة جداً بأمر محدد وهو الصحة النفسية بالطبع!
- بما أنك أم عاملة لطفلين، كيف تديرين كل هذه الأمور؟
في الحقيقة، أسلوب حياتنا الافتراضي "على الإنترنت" منحني 4 ساعات على الأقل كل يوم! بالرغم من أن العمل في بيئة مدرسية يمثل تحدياً هذا العام، ولكن حقيقة أنني توقفت عن التنقل للوصول لعملي والعودة منه، والمرونة التي حصلت عليها من العمل عن بعد، كان لها فائدة كبيرة لي ولطفليّ.
أيضًا، يجب أن أعترف أنني لا أستمتع بمشاهدة التلفزيون أو المسلسلات أو Netflix، فلست مضطرة حتى إلى "محاربة" الإغراء الذي يصيب الكثير من الناس في مثل هذه الأوقات.
وأخيراً، أولادي لا يشعرون عادة بأنني لا أمنحهم ما يكفي من الوقت أو الاهتمام وأنا أصنع الفن، لسبب ما، يشعرون بأنهم مرتبطون بي وأنا أمارس هوايتي، حيث نكون جالسين جميعاً على السجادة، أصنع الفن، وهم يلعبون. نذهب لشراء المواد معاً ونختار معًا ما ننشره على الصفحة، إلخ ...
بطريقة ما، يبدو الأمر وكأنه مشروع عائلي بأكمله، حتى لو كان بعض ما أصنعه صعباً بعض الشيء، إلا أنه عملي الخاص الذي أستمتع به!
بالمناسبة أود أن أخبرك أيضاً بأن المنتج المفضل لدي هو سلاسل المفاتيح التي نصنعها، هل تعلمين لماذا؟ لأن ابني الكبير يقوم بصنعها، من الألف إلى الياء، وهو المسؤول عن هذا الخط ويحب رؤيته عندما يتم بيعه!
فنحن نعمل كأسرة واحدة في المشاريع والهوايات بكل تفانٍ وإخلاص! أيضاً، هي طريقة قوية لمحاربة الملل والوحدة والقلق معاً، فكلها مشاعر متكررة وطبيعية خاصة في الظروف الحالية...
- من الجميل أنك تحبين مشاركة أطفالك لك في أعمالك، هل ممكن أن تخبرينا لماذا يهمك هذا الأمر وخاصة لهذا المشروع؟
إحدى الاستراتيجيات التي أستخدمها كأم عاملة هي عدم تقسيم حياتي إلى أجزاء. على سبيل المثال، يمكنني تعلم هواية مع أطفالي؛ أو إشراك أطفالي في مشروع عمل، إذا كان ذلك مناسباً.
من خلال هذه الإستراتيجية، ألتزم أكثر بهواياتي وتربية أطفالي وعملي. إنه مثل القدرة على إنجاز مهام متعددة مع بعضها البعض إلا أنها ليست مهاماً فقط، بل أستخدمها أيضاً لبناء القيم والعمل على مشاريع معينة، إذا كانت الأمور تتماشى مع قيمنا، فسأكون سعيدة بدمجها أيضاً.
أما فيما يتعلق بتعليم الأطفال، أنا أؤمن بأن مثل هذه المشاريع والتجارب تعلم الأطفال كثيراً! نتحدث بهذه الطريقة عن الأفكار والقيم والمعتقدات والتسويق والنفقات والإيرادات، كل ذلك بطريقة مناسبة جدًا لأعمارهم... لدينا مخططاتنا الصغيرة وملفات الإكسل الخاصة بنا لمراقبة تطور مبادرتنا معاً.
- ما هو حلمك / طموحك لهذا المشروع؟
أملي أن يخلق المشروع مزيداً من الوعي والانفتاح على دعم الصحة النفسية، وليس فقط حول المنتجات.
حلمي هو أن ينتقل هذا المشروع إلى ما هو أبعد من حماسة إطلاقه، وأن ينمو ليصبح أكثر وأكثر استدامة. فيما يلي بعض الطرق التي أعتقد أنها ستحقق ذلك:
- أملي هو الحصول على نقاط بيع لأنني لا أعتقد أن البيع عبر حساب Instagram أمر مستدام للغاية بالنسبة لي. لحسن الحظ، وافقت جهتان على التعاون معي! وأشكرهما كثيراً!
- أملي هو أن يكون لدي فريق داعم من المبدعين أو الفنانين لينضموا إليّ في مرحلة ما. أكرر قولي: ليدوم هذا المشروع وينجح، يجب أن يكون هناك فريق للإنتاج بسرعة فهذه المواد المصنوعة يدوياً تحتاج للكثير من الوقت لصنعها.
- آمل أيضاً أن يبدأ المشروع في توسيع دوائر التعاون مع أخصائيين آخرين بالصحة النفسية، فهنالك العديد منهم ليس لهم حضور على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم بالفعل محترفون ورائعون بالتعامل مع مرضاهم، وبتعاونهم معي سيصبح حضورهم أقوى وسيساعدون عدد أكبر من الناس.
- صِفي هذه التجربة بـ 3 كلمات!
الشجاعة والإبداع والعافية!
دعونا ندعم مبادرة Ropes of Hope الآن وننضم إلى رحلتهم لدعم الأفراد المحتاجين إلى مساعدة مهنية ورفع مستوى الوعي حول الصحة النفسية، التي نميل إلى نسيانها كثيراً! أقل ما يمكنكم فعله هو متابعة منشوراتهم والإعجاب بها.
بالتوفيق ندى!