قصص أمهات
قصة وائل.. أب لثلاثة أطفال من ذوي طيف التوحد
قصة وائل البواب، أب لخمسة أطفال
الآباء أيضاً مثل الأمهات.. قادرون على التضحية والرعاية والحب، وقد تضعهم الحياة في مفاصل كثيرة تجعلهم يقومون بكل الأدوار من أجل أبنائهم!
وكان وائل البواب واحداً من هؤلاء الآباء، فكان عليه أن يبذل المزيد من الحب وأن يضاعف من حجم تفانيه لأجل أبنائه، وأن يغير من عناوين حياته ويعيد سرد حكايته مع أطفاله.. أو مع "العصابة" -كما يحب أن يسميهم- ليظهروا معاً صورة جميلة يملؤها التكافل!
وائل هو أب لخمسة أطفال، أكبرهم في الثانية عشر من عمره، في الوسط يأتي ثلاثة أطفال توأم عمرهم أحد عشر عاماً، وابنة صغيرة في الرابعة من عمرها.
بدأت قصته بعد تشخيص أطفاله التوأم وهم في عمر الأربع سنوات بطيف التوحد، لم يدخر هو وزوجته أي جهد في رحلة التشخيص من علاجات وتحاليل، ثم في رحلة العلاج ومراكز التربية الخاصة.
إلا أنه وبعد عدة سنوات من هذا كله جاءت الصدمة الثانية، توفيت زوجته إثر إهمال وخطأ طبي، فكان عليه أن يصبر ويحتسب ويحتمل ألم الفراق لأجل أطفالهم
فهذه الأزمات لم تمنعه من أن يكمل مشواره الذي كان قد بدأه مع زوجته في رعاية أطفالهم، وتقديم كل ما يمكن للأهل أن يقدموه لأبنائهم، فصار هو الأب والأم وكل شيء بالنسبة لأبنائه، وواصل رعايته لهم بحب وفخر.
شارك وائل قصته على مواقع التواصل الاجتماعي ليقدم النصائح لغيره من أهالي ذوي طيف التوحد، فهو الآن كما يقول لم يعد كما كان سابقاً، وتجربته هذه أنضجت فيه الكثير من المعاني، فصار صاحب هدف ورسالة يرغب في إيصالها إلى المجتمع والمؤسسات المسؤولة في كل مكان.
فكان أول ما تحدث عنه هو دور الأم وأهمية تقديره فقال: " لكل أب، أعطي زوجتك إجازة ٢٤ ساعة فقط، وقم أنت بواجباتها تجاه أبنائك وستعرف قيمة المجهود الكبير الذي تقوم به زوجتك، وبناء على ذلك ستكون متعاوناً مع زوجتك أكثر"
أما أطفاله الثلاثة فهم الآن في تحسن وتطور مستمر، وقد سعى كامل جهده منذ العام الماضي ليدمجهم في إحدى المدارس الخاصة، لكن تكلفة هذه المدارس كانت باهظة جداً، لذلك هم الآن يذهبون إلى المراكز ليعاد عليهم ما أخذوه في العام السابق!
وهم الآن في أمس الحاجة إلى دمجهم في المدارس ليتلقوا التعليم المناسب لهم لوضعهم.
وتحدث أيضاً عن دور أهالي الأطفال من ذوي طيف التوحد، والذي يكمن في تقبلهم لأبنائهم قبل أي شيء بما يتعدى حدود الواجب، قبل المجتمع ومؤسساته جميعها، فالحب ضروري جداً لهؤلاء الأطفال، وهو يأتي من داخل المنزل وليس من خارجه.
وهذه هي أولى خطوات الرعاية: أغمروا أطفالكم بالحب، تقبلوهم، لا تخجلوا منهم، دربوا أنفسكم وهيئوها للتعامل معهم داخل المنزل وسيتقبلهم المجتمع رغماً عنه، فهو مرآة لكم ولتصرفاتكم!
يأتي بعد ذلك دور المؤسسات ومراكز الرعاية وجلسات النطق وتعديل السلوك والعلاج الوظيفي، والتي انتقدها وائل في كلامه بشدة
فأوضح أن هناك الكثير من الاستغلال وللاإنسانية في التعامل مع الأطفال من ذوي طيف التوحد من قبل هذه المؤسسات والمراكز وكامل الجهات المعنية.
وأنه وللأسف ما يهم فقط بالنسبة للمسؤولين عن هذه المؤسسات في المجمل هو المادة والمال، إذ يتناسى هؤلاء المعنيون أن هؤلاء الأطفال هم تماماً كغيرهم من الأطفال لهم حاضرهم ومستقبلهم الذي يرجونه هم وعائلاتهم، وتقديم الرعاية والتعليم المناسب لهم هو حق من حقوقهم!
وتحدث وائل أيضاً عما يشعر به حيال وضع أطفاله، فقال: "بالنسبة لي فقد ألغيت من قاموسي كلمة تعب أو ملل وصار الأمل بديلاً لذلك، أحياناً أفكر: ماذا سيحدث للعصابة إذا حدث لي أي مكروه؟، لكنني وبالرغم من كل هذا مؤمن أن الله سيرعاهم ويحميهم ويسهل الأمور" وقال أيضاً: "تأكدوا أن أي تحسن لطفل من ذوي طيف التوحد لم يحدث إلا بعد أن بذل أهله الكثير من أنفسهم لأجل طفلهم"
نعم، هناك المزيد من الجهود يجب أن تبذل على الصعيد المؤسساتي والمجتمعي لتوفير حياة أفضل لهؤلاء الأطفال من ذوي طيف التوحد وأطفال ذوي الإعاقة بالمجمل. لكن من المؤكد أن تضحيات عائلاتهم.. أمهاتهم وآبائهم لا بد أن تثمر وتؤتي أكلها في المستقبل.. فالحب الذي يبدأ من البيت يمكن أن يصنع الكثير!