قصص أمهات
من أم عاملة: تأقلمت مع الحجر المنزلي بتطبيق هذه الأفكار
بقلم: نتالي نواس، أم لطفلين
تعتبر أزمة فيروس كورونا التي يمر بها العالم الآن شيئاً استثنائياً وغير مألوف على الإطلاق لنا جميعاً. وبالرغم من أن هذه الأزمة جلبت الخوف والقلق للجميع، إلا أن الأمهات يواجهن ضغوطات متزايدة، فمع إغلاق المدارس لم يبق لديهن أي وقتٍ للراحة.
وتكون هذه الضغوطات مضاعفة بالنسبة للأمهات العاملات، اللاتي يتعين عليهن التأقلم مع العمل من المنزل وتدريس الأطفال والقيام بأعمال المنزل طوال الوقت.
للتكيف مع هذا الوضع الجديد كان علينا جميعاً أن نتعلم بسرعةٍ كبيرة ونكتسب خبرة أفضل في التعامل مع الأمر يوماً بعد يوم. وكأمٍ لطفلين نشيطين جداً (3 و4 أعوام)، كان عليَّ أن أجد بسرعة طريقة للتعامل مع الموقف.
وإليكم هنا بعض الاقتراحات التي وجدتها مفيدةً لي وتستحق التجربة:
-
الحفاظ على شعور "الحياة الطبيعية"
ابحثي عن عادةٍ أو روتينٍ كنت تقومين به في أيام العمل العادية وتستطيعين تطبيقه في المنزل خلال الحجر المنزلي. قد تكون مثلاً تناول قهوة الصباح قبل أن يستيقظ أحد أو كتابة المذكرات أو القيام ببعض تمارين التمدد أو سماع الموسيقى.
والأهم من ذلك كله هو تبديل الملابس، فهذا سيحدث فرقاً كبيراً في مزاجك وسينشطك ويحفزك للعمل، وهو ما لن تحصلي عليه إذا بقيتِ بملابس النوم أو ملابس المنزل طوال اليوم.
-
مكان العمل
يعد وجود مكان مخصص للعمل في المنزل ضرورياً للإنتاجية في العمل ولجعل الأطفال قادرين على التكيف مع ذلك. حاولي إيجاد المكان الأكثر هدوءاً في المنزل مع كرسي مريح ومكتب أو طاولة. وأضيفي لمستك الخاصة أيضاً لتجعلي المكان أكثر جاذبية مثل الشموع المعطرة أو الزهور.
لا تقومي بحمل كمبيوتر العمل معك إلى كل مكان في المنزل فهذا سيقلل كثيراً من إنتاجيتك ويزيد من ساعات عملك ويتسبب لكِ بالإحباط مما يؤدي إلى فقدان أعصابك، والأهم أنه سيصعب الأمر على أطفالك للتكيف على مبدأ "المكتب المنزلي" الجديد.
على الرغم من أن الأمر قد يستغرق عدة أيام أو أسبوع أو اثنين، إلا أن الأطفال سيعتادون في النهاية على فهم أن هذه المساحة هي الآن "مكتب ماما".
وقد وجدت أيضاً بأن توضيح فكرة أنه يوجد أوقات معينة من اليوم يتعين عليك العمل فيها وشرح طبيعة العمل الذي تقومين به لأولادك، سيضيف بعداً جديداً لفهمهم لفكرة العمل وسيغرس مبدأ أخلاقيات العمل في أنفسهم في وقتٍ مبكر.
اشرحي لهم أيضاً بأنه نظراً لوجود الفيروس في الخارج فهذا سيبقى مكتب ماما بدلاً من الخروج من المنزل للعمل وبأنهم يمكنهم رؤيتك خلال عملك من وقتٍ لآخر.
مع مرور الوقت، سيتعلمون بأنه على رغم من تواجدك في "المكتب" إلا أنه يمكنهم القدوم إليك من أجل حضن أو للسؤال عن شيءٍ معين أو حتى الاختباء من مشاجرةٍ بين الأشقاء، لكن ماما عليها العودة إلى العمل بعد ذلك.
وسيفيدك أيضاً تخصيص الوقت الذي يقضيه الأطفال على الشاشات بنفس الموعد الذي يكون لديك فيه اجتماع عمل على التقليل من الفوضى والتشتت لديك.
-
الدعم البصري
في بداية الحجر المنزلي، قررت القيام بتجربةٍ خاصة بي وإعداد بعض اللافتات. لم تكن متقنةً تماماً بسبب العجلة، فقط ورق أبيض وقلم عريض صنعت بها بعض اللافتات مثل " وقت العمل" و"وقت الدراسة" و"وقت القراءة" و"وقت اللعب" ويمكنكم إضافة أوقات الوجبات وغيرها. طبعاً إذا كان أطفالك تحت سن الرابعة عليك استخدام الصور والأشكال كبديل.
مع الوقت سيربط الأطفال هذه اللافتات مع أوقات هذه النشاطات. استغرق الأمر يومين فقط لتعتاد ابنتي على رؤية لافتة "وقت الدراسة" لتعلم أنه قد بدأ وقت الدراسة بالنسبة لها. في أحد الأيام نسيت تعليقها فقالت لي طفلتي: " ماما! لم تعلقي لافتة وقت الدراسة، إذا لم يأت وقت الدراسة بعد!"
إذاً فهذه الطريقة لا تساعدك فقط في تنظيم كافة الواجبات والمهمات اليومية التي تقومين بها كأم، ولكنها أيضاً تساعدك في تحديد التوقعات لأطفالك ليكونوا على دراية بكل ما سيحدث خلال اليوم، مما يقلل من مقاومتهم ومعاندتهم لأي تغيير يحدث فيمر اليوم بسهولة وإنجاز كبيرين.
-
التعليم من المنزل
لم أقابل إلى الآن أما لم تشكر معلمي أطفالها والمعلمين جميعاُ منذ بدء الحجر المنزلي، فمهنتهم بلا شك هي مهنة نبيلة وهي موهبة يبدو واضحاً أننا لا نمتلكها جميعاً! وها نحن الآن.. أصبحنا نقوم بدور المعلمين في المنزل بين ليلة وضحاها!
التعليم عن بعد له إيجابياته وسلبياته، فبينما تقوم المؤسسات التعليمية بجهد كبير من أجل توفير الحلول، لكن لا زال الامر يتطلب من الأمهات متابعة أطفالهن للتأكد من بقائهم على المسار الصحيح.
وهنا أيضاً يكون تخصيص مكان للدراسة أمراً مهماً، وأقترح بالنسبة للأطفال الأكبر سناً أن يشاركوا الأهل في اختيار مكان ومساحة التعلم الخاصة بهم، أما الأطفال الصغار، فأقترح تخصيص مكان بجوار مكتبك. وذلك ليشعروا وهم يشاهدونك طوال الوقت بأنك تركزين في عملك من المنزل.
ولجعل الأمر أقل إرهاقاً، في كل ليلة انظري إلى الخطة الدراسية الأسبوعية لأبنائك المرسلة من المدرسة، وحددي برنامجاً وأهدافاً لليوم التالي وناقشيها مع أطفالك، ليعلموا تماماً ما الذي سيفعلونه في الغد.
تفاعلي مع أمهات زملاء أطفالك في المدرسة ومعلميهم عن طريق مجموعات الواتس آب وشاركي إنجازات طفلك معهم. إنه امر مدهش كيف أن الأطفال يشعرون بتحفيز أكبر إذا رؤوا فيديوهات وصور لإنجازات أصدقائهم، فيقومون بكل ما هو مطلوب منهم بسرعة أكبر.
-
تحلي بالواقعية
علينا الاعتراف بأن هذه الظروف صعبة وغير معتادة لنا جميعاً، ومن الطبيعي ألا نسيطر على الأمور في كل الأوقات. لا تشعري بالإحباط من كل المنشورات التي تقرئينها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تقارني الجهد الذي تبذلينه بما تبذله غيرك من الأمهات.
بالطبع هن يقمن بذلك لإلهام الأمهات بالتأكيد، ولكن لا تفترضي أن جميع الأمهات مسيطرات على كل شيء في جميع الأوقات، وعندما تصابين باكتئاب الحجر المنزلي (وأقول "عندما" وليس "إذا" لأننا جميعاً بشر)، اعترفي بذلك وضعي حداً نهائياً له واستعيدي السيطرة على يومك.
-
أعطِ أولوية لرفاهيتك
"لا يمكنكِ أن تصبي من كوبٍ فارغ" لهذا السبب عليك أن تجعلي لنفسكِ الأولوية. تناولي طعاماً صحياً وحاولي المواظبة على تمرين سريع ودللي نفسك بقناعٍ للوجه تصنعينه في المنزل. افعلي كل ما يجعلك سعيدة، اعثري على طريقةٍ لتحافظي على حماسك وراحتك وتنظيمك لتستطيعي إدارة جميع المهمات الجديدة.
لقد وجدت بأن " الإنجازات الصغيرة" تساعد في إعطاء الدافع والهدف في كل يوم. قد يكون الإنجاز مثل تنظيف الأدراج أو تجربة وصفة جديدة أو قراءة خمس صفحاتٍ من كتاب. في نهاية اليوم ستجدين نفسك راضية بالإنجازات التي حققتها أو الأهداف التي أكملتها، وهو ما ينعكس إيجاباً على يومك التالي.
تذكري أنه وعلى الرغم من صعوبة هذه الأوقات، فمن المحتمل ألا نحظى بمثل هذا الوقت في منازلنا مع أطفالنا طوال حياتنا مرة أخرى، لن ينسى أطفالنا هذه الأيام أبداً والفرحة بوجود أهلهم معهم طوال اليوم. لا تضغطي على نفسك واعلمي بأنك تقومين بأفضل ما لديك. ِ