قصص أمهات
8 أمور تعلمتها من تجربتي بحملي الأول
اعتقدت أنني كنت أفهم الحمل جيداً كوني تعاملت مع العديد من النساء الحوامل بحكم عملي كأخصائية تغذية، إلا أن تجربة ذلك على الحقيقة كان أمراً مختلفاً! فقد شعرت بالارتباك حيال حملي خاصة وأنني كنت منهمكة بالعمل ولم أكن مستعدة لهذه التغييرات القادمة.
عندما أعود إلى الوراء وأتذكر أشهر حملي التسعة، أجد أنني قد تعلمت الكثير عن نفسي وعن الأمومة وتفاصيلها، فالحمل هو معجزة بحق، وبالنسبة لي أي امرأة تخوض تجربته... هي بطلة حقيقية.
لكن وعلى الرغم من جمال هذه المعجزة، إلا أنه لا يوجد هناك ما يمكن أن يهيئك تماماً لتلك اللحظة التي تكتشفين فيها أنك حامل، لذا، أضع بين يديك الآن مجموعة من الأمور التي لم يخبرني بها أحد عن الحمل وعرفتها بعد التجربة:
- ليس عليكِ التخلي عن كل الأشياء التي تحبين القيام بها.
بمجرد معرفتي بحملي، علمت بأنه يجب علي إجراء تغييرات كبيرة في نمط حياتي. أتذكر زيارتي الأولى لطبيبتي، حيث كنت أتوقع أن تعطيني قائمةً طويلة بالأشياء التي يجب ألا أفعلها. لكنني تفاجأت عندما قالت لي: "الحمل ليس مرضاً، فقط افعلي ما تحبين واستمعي إلى جسدك، ولا داعي لتحطيم الأرقام القياسية الآن".
منذ ذلك الوقت، وأنا أعيد كلمات الطبيبة على نفسي في كل مرة أشعر بأن حياتي توقفت كوني صرت حاملاً، وانتهى بي الأمر إلى الاستمتاع بالأنشطة المناسبة للحمل التي استطعت القيام بها.
- لا بأس إذا لم تشعري مباشرة بمشاعر الارتباط والتعلق بطفلك.
يجب أن أعترف بأنني كنت واحدةً من النساء اللواتي لم يشعرن بشيءٍ تجاه أطفالهن خلال الحمل، ربما لأنني أحب الناس عادةً كلما عرفتهم أكثر وأنا لم أكن أعرف طفلي بعد. فكيف أحب شخصاً لم أقابله بعد؟
سبب آخر لعدم شعوري بالتواصل في البداية هو أنني كنت عالقة في مرحلة تقبل الأمر فكنت أسأل نفسي مراراُ: "هل ما يحدث حقيقي؟"، حتى بعد معرفة جنس الجنين واختيار اسم الطفل لم تغمرني عواطف الأمومة التي اعتقدت أني سأختبرها في تلك المرحلة. حتى آخر أيام حملي كنت ما زلت أشير إليه بأنه "الطفل" بدلاً من استخدام اسمه الفعلي، فما الذي أصابني؟ لماذا يظهر علي كأنني غير ممتنة لهذا الحمل؟
لأكون صادقة، أعتقد أن كل ما مررت به في تلك المرحلة كان طبيعياً تماماً ولا أحتاج إلى طبيب نفسي لتأكيد ذلك. فوجود مشاعر مختلطة حول حملك يعد أمراً طبيعياً، وأعتقد بأن هناك ضغط مجتمعي يدفع بكل هذه المشاعر الأمومية إلى الظهور فجأة ومن العدم.
نصيحتي لكِ هنا ألا تقسي على نفسك وأن تمنحي نفسك الوقت الكافي لتطوير علاقتك مع طفلك سواء كان بعد اكتشافك الحمل أو في الأسابيع الأولى بعد الولادة.
- اسمعي النصيحة التي تعجبك، وتجاهلي التي لا تعجبك.
لا يمكننا الإنكار بأن الحمل يجذب النصائح والتعليقات غير المرغوب بها. ففي اللحظة التي بان علي الحمل فيها بدأت تتدفق على سمعي الكثير من الآراء من العديد من الناس حول حملي وحملهم وخبراتهم في الولادة وبالطبع الأمور التي يجب فعلها أو تركها.
يمكنكم تخيل أن أكون اختصاصية تغذية ولا يزال البعض يقدم لي نصائح غريبة عن تغذية الحامل. فيما يلي قائمة بأكثر الناصحين إزعاجاً خلال فترة الحمل:
- خبيرة التغذية: "تناولي الطعام فأنت تأكلين عن شخصين الآن"، " يجب / لا يجب تناول هذا الطعام، أنت حامل!"، " هل أنت متأكدة بأنك لا تريدين القهوة الخالية من الكافيين، فالكافيين مضر للطفل".
- اخصائية النوم: " استمتعي بنومك الآن، فلن تحصلي على الكثير من النوم عندما يأتي طفلك" – هذه العبارة كانت تزعجني لأنني أعلم أنها صحيحة، لكنني لم أرد أن أسمعها عندما كنت بطبيعة الحال أواجه مشاكل في النوم إما بسبب الاحتقان أو الارتجاع أو ركلات طفلي في الثالثة فجراً أو من حاجتي للذهاب الى الحمام كل ساعتين.
- محبو القصص المرعبة: عادة ما يتحدثون عن قصص تتعلق بالمخاض والولادة مثل: " لقد أمضيت 30 ساعة في المخاض وانتهى بي الأمر بإجراء عملية قيصرية" أو "خذي / لا تأخذي إبرة الظهر".
- خبراء المواد الطبيعية / العضوية / غير المعدلة وراثياً: سيحذرك هؤلاء الذين يعرفون كل شيء عن كل شيء من كل ما يمكن استخدامه لأن له تأثير مرعب على طفلك، وهذا يشمل كل شيء من حفاضات الأطفال الى مساحيق التجميل الخاصة بك.
ولا أريد أن تسيئوا فهمي، فقد تلقيت العديد من النصائح والحيل المفيدة خلال الحمل. وتعلمت أن النصائح غير المرغوب بها لا مفر منها، إلى الآن وأنا أم لطفل بعمر الثلاثة أشهر.
لذلك، عليك تحديد ما إذا كانت نصيحة الشخص مفيدة لكِ أم لا، وبعد ذلك ابتسمي وقولي شكراً على النصيحة.
- لا بأس بألا تكوني على طبيعتك لبعض الوقت.
نمر خلال فترة الحمل بالعديد من التغيرات في أجسامنا، وهذه التغيرات الجسدية تحظى بالاهتمام أكثر من التغيرات العاطفية التي تحدث في الحمل أيضاً. لطالما رغبت في إنجاب الأطفال يوماً ما ولكن تجربة الحمل بحد ذاتها لم أفكر بها ملياً.
في بدايات حملي عانيت من القلق وتقلبات المزاج، مع أنه لم يكن يبدو علي بأني حامل، لكنني شعرت بالتقلبات في شخصيتي. الثلث الثاني من الحمل كان سهلاً جداً بالنسبة لي، وشعرت بأن هذه التقلبات بدأت تتلاشى ببطء وأني استعدت شخصيتي الحقيقية. ثم كان الثلث الأخير صعباً جداً عندما بدأ ألم الظهر يزداد سوءاً وأصبح نومي قلقاً وكان لدي صعوبةُ في التنفس وإرهاق طوال الوقت.
- لا تقلقي على وزنك كثيراً، لكن لا تتساهلي أيضاً.
المراقبة الذاتية هي مفتاح الحمل الصحي، وهذا لا يقتصر فقط على وزنك بل على جميع الجوانب الصحية مثل النوم وشرب الماء والصحة النفسية.
عموماً، عندما يتعلق الأمر بزيادة وزنك، فأنا أنصحك بشدة بأن لا تقومي بقياس وزنك يومياً، فسيقوم بذلك طبيبك في كل موعد وعليه سيقوم بنصحك فيما يخص زيادة وزنك خلال الحمل.
حاولي تناول الطعام الصحي في كل الأيام، واسمحي لنفسك ببعض التجاوزات عندما تكون لديك رغبةً شديدة في تناول طعام معين.
- لا تقسي على نفسك في الثلث الأول من الحمل.
الحمل للمرة الأولى يمكن أن يكون تجربةً غريبة. فمجرد التفكير بأن إنساناً يتكون بداخلكِ يمكن أن يكون أمراً مربكاً. والثلث الأول من الحمل له سمعة سيئة بين الأمهات بسبب الأعراض المرافقة له، وهذه السمعة لم تأتِ من العدم، فهي مليئة بالتغيرات الهرمونية التي تحضر جسمك ليكون جاهزاً لاستقبال الجنين.
كان الثلث الأول من حملي صعباً جداً، حيث عانيت من الغثيان الشديد والتعب والعواطف المتقلبة. وهذه الأمور والنصائح ساعدتني لأتجاوز المرحلة بشكل أفضل:
- إذا لم يكن لديك رغبة في تناول أي شيء، فعليك بتجريب سموذي بارد وصحي أو حساء مصنوع في المنزل.
- تخلصي من أي معطرات ثقيلة مثل العطور والمنظفات وكريمات الجسم.
- النوم ثم النوم ثم النوم.
- اشربي السوائل دائماً، ستشعرين بإرهاق أكبر إذا كنت تعانين من الجفاف.
- تجنبي الوجبات الثقيلة، اجعلي وجباتك خفيفة مقسمة خلال اليوم.
- اطلبي أي شيءٍ تشعرين أنك بحاجته.
- تحدثي مع زوجك عن مشاعرك (لا تقللي من أهمية ذلك في تحسين حالتك النفسية!).
- ممارسة الرياضة خلال الحمل هو موضوع "ساخن للنقاش" في مجتمعنا.
هذا موضوع حساس للغاية انتقدني لأجله الكثيرون من ضمنهم عائلتي، فأنا عندما أتحدث عنه فإنني أواجه نوعين من الناس:
- أشخاص كانوا يشجعونني بشكل كبير عندما يرونني أمارس الرياضة في النادي، حتى وإن لم يكونوا يعرفونني.
- أشخاص آخرون وتحديداً بعض المدربون الرياضيون في النادي أنفسهم، حيث كانوا يتجهمون إذا دخلت إلى حصتهم الرياضية لأتمرن، فهم غير مستعدون للقيام بأي تغييرات على التمارين لتناسب امرأة حامل!
فقد طردت مرة من إحدى حصص "البيلاتيس" من قبل مدربة محترفة ببساطة لأنها لم تكن لديها الخبرة الكافية لتدريب امرأة حامل! ولكم أن تتخيلوا كما كان هذا محبطاً لي، ربما لأنني لم أكن أعكس الصورة النمطية للمرأة الحامل المتمثلة في المشي مثل البطريق بأقدام متورمة وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي (هذا ما حدث معي بآخر الحمل).
قبل حملي كنت أمارس الرياضة أربع مرات في الأسبوع، بين حصص اللياقة المكثفة ولعب التنس في نهاية الأسبوع، لذلك كان صعباً بالنسبة لي أن أتقبل فكرة التخلي عن كل هذا، فبمجرد أن أخذت الضوء الأخضر من الطبيب عما يمكنني عمله خلال فترة الحمل، فواصلت ممارسة الرياضة بينما كنت قادرة جسدياً عليها.
لا تسيئوا فهم كلامي هنا، فقد كنت أمتنع عن الذهاب إلى بعض الحصص في النادي عندما كنت أشعر بأني جسدي متعب ومرهق، فالهدف من التمرين هو الشعور بالراحة والحصول على فترة حمل صحية ولتحسين المزاج والدافعية للاستمرار، وليس لتحطيم أي أرقام قياسية أو بناء العضلات أو فقدان الوزن!
لذا، عندما يتعلق الأمر بالتمرينات خلال الحمل، فأنت بكل بساطة عليك أن تستمعي إلى جسدك إذا كان بحاجة للحركة أو للراحة.
- حضور دروس ما قبل الولادة مع شريكك أمر ضروري.
واحد من الأشياء التي أندم عليها هو أنني لم آخذ دروس ما قبل الولادة خلال فترة حملي، ظننت بأنني عندما أقرأ الكتب وأستخدم الإنترنت للحصول على المعلومات التي أحتاجها سيكون هذا كافياً، كما أنني كنت خائفة ومتوترة جداً من فكرة تجربة المخاض بحد ذاتها، إلا أنني فكرت في نفسي، هذا أمر تفعله النساء منذ قرون، فما مدى السوء الذي يمكن أن يكون فيه؟
عندما أعود بذاكرتي إلى وقت المخاض، أعتقد أنه كانت هنالك مساحة كبيرة لتحسين الأمور في ذلك الوقت، أعلم أن حضور حصص التدريب على الولادة لم تكن لتجعل أمور المخاض بالنسبة لي تمر بطريقة سحرية، لكنني متأكدة أنها كانت لتنفع زوجي بشكل كبير الذي واجه صعوبة كبيرة في إيجاد الطرق لمساعدتي.
إن عملية المخاض هي عملية شاقة وصعبة، مهما كانت أجسادنا مهيئة بشكل طبيعي للقيام بها، فإن ذلك لا يعني أن علينا ألا نجهز أنفسنا لتلك المرحلة.