الأطفال 6-11 سنة
ابني أنهى المرحلة الأساسية ولا يقرأ أو يكتب... ما الحل؟
تزور والد عصام مدرسة ابنها كثيرًا، هو في الصف السابع، ورغم أنها تعرف المعلمات والإدارة جيدًا، وترغب بقاء ابنها في هذه المدرسة الرائعة إلا أن ابنها يتعثر كثيرًا في قراءة النصوص، وإذا طُلب منه كتابة واجب أو تنفيذ مهمة كتابية، أمضى فيها وقتًا طويلًا أكثر من اللازم، وكان خطه فيها غير مقروء بدرجة كافية.
أم عصام تزور المدرسة كثيرًا طالبة حلًا لمشكلة ابنها، وفي كل مرة الحلول لا تنفع، ولا تغير واقع حال ابنها كثيرًا.
تُخبرنا الدراسات التربوية المتخصصة أن تعليم القراءة في أي لغة له مكونات، وكي يصل الطالب مرحلة القراءة الفاهمة، أي يستوعب ما يقرأ فإنه لا بد له من المرور بهذه المراحل، وهذا الأمر يغيب عن مناهجنا وأساليب تدريسنا، فنجد المعلمين والمعلمات يسكبون المعارف سكبًا في الحصص الصفية، وهذا السكب لا يلائم كثيرًا من طلبتنا، فيبقى في الذاكرة قصيرة المدى التي يفشل الطالب في استدعائها عندما يحتاج تلك المعارف، بينما الأصل أن تصل هذه المعارف إلى الذاكرة طويلة المدى، ويكون الطالب قادرًا على استدعائها وتوظيفها في المهمات المطلوبة منه.
في مثل هذه الحالات نلقي اللوم على الطالب بأنه ضعيف، ولا يتابع دروسه، ولا يركز بالحصة، ومشغول بالألعاب الأخرى والأشياء خارج الصف، بينما الحقيقة أن الأسلوب الذي قُدّمت به المعلومات كان أسلوبًا لا يلائم تركيب دماغ المتعلم، وهذا الأمر هو تمامًا ما حصل مع عصام، فالمعلومات التي تلقاها في الغرف الصفية بقيت في الذاكرة قصيرة المدى، ولم تصل الذاكرة طويلة المدى.
ما الحل إذن؟
هناك عدة خطوات علينا اتباعها لنصل لحل للمشكلة:
- تبدأ مكونات عملية القراءة من الوعي الصوتي، بمعنى أن يدرك الطالب الصوت أو المقطع الذي تتكون منه الكلمة سماعيًا، وهذا المكون له مستويات متعددة.
- ينتقل المعلم إلى تمييز شكل الحرف، بمعنى أن يربط الطالب صوت الحرف المسموع بشكله المكتوب، فيعرف صوت الحرف وشكل كتابته.
- ينتقل إلى المفردات، أي يتعرض الطالب لاستراتيجيات تزيد حصيلته اللغوية من المفردات، وتزيد مخزونه الذهني من الكلمات التي يعرف دلالتها ومعناها، وعندما يعرف دلالات هذه المفردات ومعانيها فإننا ننتقل إلى المكون الرابع الفهم والاستيعاب.
- إذا عرف الطالب تمييز صوت الحرف، وكتب شكله ووظفه في مفرده فإنه هنا يصل إلى المكون الخامس وهو الطلاقة، أي يستطيع قراءة أي نص بدقة وسرعة مناسبة وأداء معبر ثم الكتابة بسهولة دون تعثر.
النظم التعليمية المختلفة تعطي هامشًا زمنيًا طويلًا لتعليم القراءة في الصفوف المبكرة، ومع انتهاء مرحلة الصف الثالث فإن الطلبة كافة يجب أن يصلوا مرحلة الطلاقة القرائية، لذلك فإن المعلم إذا لم يتبع هذه الطريقة سينهي بعض الطلبة المرحلة الأساسية وهم غير قادرين على القراءة والكتابة بطلاقة مثلما حدث مع عصام.
أما إذا تساءلتم عن كون بعض الطلبة نجحوا بالقراءة بطلاقة وكتبوا، فإن هذا الأمر يعود للفروق الفردية بين الطلبة، وتفاوت مستويات الاستيعاب بينهم، فهذه الطريقة مثلما تساعد الطالب المبتدئ فإنها تدعم الطالب المتقدم، فكثير من الطلبة يستطيعون القراءة لكنهم لا يتقنون الكتابة أو التحدث بالقدر نفسه من إتقانهم القراءة، وهذا يعود إلى أن المخزون اللغوي الذهني فقير لديهم، لذلك لا يستطيعون توظيفه في كتابات مفيدة أو محادثات وافية.
من الطرق المفيدة للمعلم ليحسن من مستوى طلابه:
- المعلم الماهر يقدّم لطلبته استراتيجيات متنوعة هدفها بالدرجة الأولى زيادة الخزينة اللغوية الذهنية من المفردات لدى طلبته باستخدام استراتيجيات مثل الصفة المضافة وشبكة المفردات والمعاني المتعددة وغيرها كثير من الاستراتيجيات.
- يسمح لهم توظيفها في سياقات متنوعة، والأمر المهم في هذا المجال أن الطالب لن يتمكن من بناء المخزون اللغوي من المفردات في وقت قصير، بل يحتاج مدة زمنية كافية لفعل ذلك، وهذا الأمر معناه أن المعلم سيخصص وقتًا قصيرًا لا يتجاوز 5 دقائق من كل حصة لبناء هذا المخزون الذي سيلمس آثاره في تحدث الطلبة وكتاباتهم.
- اللجوء إلى مكونات عملية القراءة لحل التعثر القرائي والكتابي أمر لا مفر منه، إذا أراد المعلم الوصول بطلبته إلى مستوى الطلاقة في القراءة، وهذا الأمر يمكن استخدامه مهما كان الصف الذي يدرس به الطالب، فترك الطالب يواجه تعثره وحده سيزيد المشكلة ويفاقمها.