قصص أمهات
هذه هي الأمور التي ساعدتني خلال أصعب فترة في حياة ابنتي
مؤخراً مرضت ابنتي الصغرى نوف كثيراً، وبعد إدخالها إلى مستشفى في عمَّان وبقائها مدة أسبوع هناك، قمنا بنقلها إلى لندن بواسطة طائرة إسعاف خاصة، حيث يمكن لنوف أن تحصل هناك على المزيد من التحاليل والفحوصات غير المتوفرة في الأردن. لقد كان شهراً عصيباً ومخيفاً لجميع أفراد عائلتنا!
لحسن الحظ فإن قصتنا لها نهاية سعيدة، فبعد ذهابنا إلى لندن اكتشفنا أن طفلتي الصغيرة تعاني من التهابٍ حاد في الدماغ (تورم في الدماغ والحبل الشوكي) بسبب الإنفلونزا الموسمية، وهو شيء نادراً جداً، وبدا أن طفلتي ستعاني من تلف دائم في الدماغ نتيجة لذلك.
لكنها بعد أسبوعين بدأت بالتعافي بطريقة مدهشة، وبعد شهرين من ذلك استمرت في التحسن، وبدأت بالعودة إلى طبيعتها ونشاطها.
تعلمت الكثير من دروس الحياة خلال تلك الأيام الطويلة والمخيفة عندما كانت طفلتي مريضة. أحد هذه الدروس هو أن الناس يحبون المساعدة عند وقوع المشاكل. وهو شيء جميل عندما تراه، لكن من الصعب أيضاً البحث عنه.
لذا، أود مشاركتكم بعض أكثر الأشياء التي كانت تساعدنا وتريحنا أنا وزوجي خلال ذلك الوقت العصيب.
فيما يلي أكثر ثلاثة أمور كانت مفيدةً لنا خلال ذلك الشهر:
-
رعاية الأطفال.
لدينا أربعة أطفال آخرين، كلهم أصغر من عمر الـ 5 سنوات (ثلاثة توائم في سن الثالثة!). من الناحية اللوجستية، فإن وجود طفل مريض في المستشفى يعني ترك الأربعة الآخرين مع أحد الوالدين لفترة طويلة من الزمن. وهذا صعب علينا جميعاً!
لكننا كنا سعداء بالتفاف العديد من العائلات حولنا والتأكد من أن أطفالنا قد استمتعوا خلال هذا الوقت، وهو أيضاً ما سمح لزوجي بأن ينضم إلي في المستشفى لنتمكن من التحدث إلى الأطباء واتخاذ القرارات المهمة معاً.
-
الطعام.
العائلة الكبيرة تحتاج للعديد من الوجبات والأصناف المختلفة لتلبية رغبات الجميع وخاصة عند شعورهم بالجوع! وكوني في المستشفى على مدار الساعة، كان من الصعب جداً تحضير وجباتٍ صحية وساخنة لأطفالي يومياً.
بدأ أحد الأصدقاء بإرسال الطعام لنا، وتبعه آخرون بإرسال أطباق شهية إلى المنزل، حتى أن إحدى صديقاتي أحضرت طبقاً لي إلى المستشفى، بينما كان زوجها يتجه عبر المدينة ليوصل العشاء إلى زوجي وأطفالي في المنزل. مساعدة كبيرة وعملية!
-
الرسائل النصية.
لم أستطع تصديق عدد الصلوات والأدعية والكلمات المشجعة التي تلقيتها من الأصدقاء والعائلة من جميع أنحاء العالم. كان هذا أمراً مهما جداً من الناحية العاطفية بالنسبة لنا!
فقد استلمت مئات الرسائل في ذلك الشهر، لم أتعب من قراءتها! كنت أبكي من كمية الحب والرعاية التي كنت أتلقاها من ناس بالكاد يعرفوننا. أغلب الرسائل كانت مثل " أنا أدعو يومياً لنوف" أو "أنا أفكر فيكم يومياً".
بالطبع، هناك أمور مررنا بها أيضاً، وكانت أقل فائدة بالنسبة لنا ولم نشعر بالدعم منها:
-
تقديم المشورة وإبداء الرأي دون أن نطلبه.
وصلنا من العديد من الأشخاص رسائل يقدمون فيها نصائح وآراء غير طبية حول ما يحدث وما يجب علينا فعله.
وصلتنا قصص كثيرة ومتنوعة من التاريخ الطبي، وهذا ببساطة ليس ما نحتاجه في هذا الوقت! نتفهم بأن الأشخاص يريدون المساعدة، لكننا كنا نتعامل مع أفضل الأطباء الذين يبذلون قصارى جهدهم لتشخيص وشفاء طفلتنا، كنا نفضل ونشعر بالارتياح أكثر للرسائل التي كانت تدعو لنا.
-
الوعود الفارغة.
أعلم أنه من الصعب معرفة ما يجب قوله في هذه الأوقات. ولكن من الأفضل عدم التحدث أو مرة أخرى قول شيء مثل "أنا أفكر بكم وأدعو لكم".
لكن التحدث بأشياء مثل "في النهاية سيكون كل شيء على ما يرام" أو " على الأقل هي ......" ليس مفيداً للأهل. وهذا لا يعني أن هذا الكلام ليس صحيحاً، ففي بعض الأحيان يكون صحيحاً، لكن الحقيقة ليست مفيدة دائماً في مثل هذه الأوقات.
-
الأعذار.
تلقينا بعض الرسائل النصية من أصدقاء يسألون "كيف يمكنهم المساعدة؟" وبينما أحضر نفسي لرد صادق وعملي، كان يصلني منهم رسالة أخرى توضح بالتفاصيل جدول أعمالهم المشغول والذي لا يملك الوقت للمساعدة. وهذا أمر مربك بالنسبة لنا!
بالطبع نعلم أن الأشخاص الآخرين لن تتوقف حياتهم بسبب مرض طفلتنا، لكن من المفيد والمشجع أكثر أن تعرض المساعدة عندما تكون قادراً عليها، كأن تقول:" لدي ثلاث ساعات يوم السبت دون التزامات، كيف يمكنني المساعدة؟" أو "سأحضِّر لكم العشاء. هل تريدونه اليوم أم غداً؟".
لدى الناس نوايا طيبة في الغالب، فقد أبدى الأصدقاء والعائلة وحتى المعارف رغبتهم بالمساعدة والدعم. لقد كان هذا محل تقدير دوماً، واكتسبت أنا وزوجي مهارة "القراءة بين السطور" لإيجاد الحب والدعم وراء كل تعليق أو مبادرة حسنة النية.
ونحن أيضاً كنا في مواقف تعاملنا فيها مع أشخاص يمرون في محنة صعبة ولم نعلم ما هو أفضل شيءٍ يمكن قوله أو فعله لهم. لذا حاولنا تقدير كل شخص حاول دعمنا خلال هذه المحنة. ومع ذلك، من الجيد دوماً أن نكيف أنفسنا ونتعلم كيف يمكننا أن نكون أكثر دعماً في أوقات الحاجة. وبالنسبة للأم فالمساعدة العملية مرحب بها دائماً!