قصص أمهات
كيف سيطرت على استخدام أطفالي لهواتفهم الذكية
إن التحديات الكبيرة التي نواجهها كأمهات وآباء في القرن الواحد والعشرين تفوق الوصف والخيال، وامتلاك أطفالنا لهواتف ذكية خاصة بهم هي إحدى أهم هذه التحديات وأصعبها!
فنسأل أنفسنا: في أي عمر يكون أطفالنا واعيين وناضجين بما يكفي لكي يحملوا هواتف ذكية خاصة بهم؟
من المهم جداً أن تعرف أننا بمجرد إعطاء أطفالنا لهذه الفرصة، نكون قد وضعنا مسؤولية كبيرة على كواهلنا، فإن واجبنا تجاههم يحتم علينا تمهيد الطريق لهم وتوجيههم لكي يستخدموا هذه الهواتف بالطريقة الصحيحة.
لسوء الحظ، هناك عيوب وسلبيات مرعبة للاستخدام المفرط للهواتف الذكية وكل ما يرافقها من خصائص ووظائف. أولاً، إن التطبيقات بطبيعتها تسبب الإدمان ويمكن للمرء بسهولة أن يستمر في استخدامها بدون توقف. وهذا سيجعل الطفل يفقد اهتمامه بممارسة نشاطات أخرى كان يحبها سابقاً، بالإضافة إلى النشاطات الاجتماعية. ثانياً، إن امتلاك الهواتف الذكية في عمر مبكر قد يدمر النمو الطبيعي للدماغ مما يسبب مشاكل صحية أخرى. وأخيراً، إن التعرض المستمر للشاشات يؤثر على رؤية الأطفال.
مع معرفتنا بكل هذه العواقب الوخيمة التي قد تنشأ نتيجة للاستخدام المفرط غير المسيطر عليه للهواتف الذكية، علينا كأهل أن نعلم أطفالنا ونرشدهم في معرفة الطريقة الأمثل للتعامل مع هذه الأدوات والأجهزة.
في النهاية إن التكنولوجيا في حد ذاتها ليست شيئاً سيئاً، لكن إساءة استخدامها هو ما يجعلنا كآباء وأمهات نستشعر خطورتها على أطفالنا.
استناداً للجمعية الكندية لطب الأطفال، ينصح بعدم امتلاك الأطفال تحت سن الـ 9 سنوات لأي هواتف ذكية، ففي هذا العمر يكون الأطفال غير قادرين على التعامل مع أي نوع من أنواع التنمر الإلكتروني، كما أن الأطفال عليهم أن يدركوا تماماً أن امتلاكهم للهواتف الذكية هو امتياز لهم وعليهم أن يحترموا الثقة التي منحت لهم من قبل الأهل. بعد عمر الرابعة عشر، ينصح الوالدين بإبقاء عيونهم مفتوحة وعقولهم متيقظة لمراقبة الاختلافات السلوكية لدى أطفالهم سواءً كان ذلك من الناحية العقلية أو البدنية.
لذلك، فإنه يكون من الضروري وضع قواعد وأسس ناظمة تنسجم مع عادات وظروف كل عائلة قبل شراء الهواتف الذكية للأطفال وإدخالها للمنزل.
فيما يلي أمور علينا الالتفات لها لتنظيم استخدام الهواتف الذكية بعد شرائها:
أين يستخدمونها؟
تتمثل إحدى الاستراتيجيات الجيدة في الاتفاق مع الطفل أولاً على المكان الذي يمكنه فيه استخدام هاتفه الذكي. على سبيل المثال، عندما تجتمع الأسرة لتناول طعام الغداء أو العشاء، يجب وضع جميع الهواتف جانباً بعيداً عن الطاولة. هذا يساعد في بناء تواصل سليم بين أفراد الأسرة الواحدة. فكرة أخرى جيدة هي جعلهم يعتادون على إغلاق هواتفهم ليلاً ووضعها خارج غرفة نومهم.
متى يستخدمونها؟
أمر آخر مهم هو الاتفاق مع الطفل على المدة التي يستطيع فيها استخدام الهاتف، وهذا قد يختلف حسب عمر الطفل ومستوى نضجه، فالأطفال لا يجوز السماح لهم باستخدام الهاتف لأكثر من مدة معينة في اليوم، وكلما كان الطفل أصغر كلما قلت هذه المدة. كما انه من الضروري الانتباه إلى أن الطفل عليه أن يتعلم احترام وجود الآخرين من حوله فلا ينغمس في هاتفه أمامهم.
كيف يستخدمونها؟
هنا يأتي دورنا كأهل لكي نوجه أطفالنا في استخدام هواتفهم الذكية بطريقة مسؤولة وسليمة. واحدة من أفضل الطرق التي طبقتها أنا وزوجي مع أطفالنا هي أننا قمنا بتوقيع عقد، حيث وضعنا كل القوانين والعواقب التي تنظم استخدام الهواتف الذكية في المنزل.
إن توقيع عقد مع طفل يزرع فيه إحساساً بالثقة والمسؤولية. ستعجبهم حقيقة أننا عاملناهم مثل الكبار والبالغين، خاصة وأن ذلك كان بناءً على طريقة تواصل صادقة ومفتوحة من كلا الطرفين الوالدين والأطفال.
تحدثوا عن محبتكم لأطفالكم
نصيحة أخرى تربوية ناجحة هي أن نجعل أطفالنا يفهمون أننا نضع هذه القيود والقواعد على استخدامهم للهواتف الذكية لأننا نحبهم ونهتم بصحتهم، وأن هذه الهواتف عاجلاً أم آجلاً سيكون لها آثارها السلبية على نموهم وحياتهم.
يحتاج الأطفال إلى سماع هذه الكلمات لأنها تعزز وتغذي شعورًا بالثقة والقوة الداخلية لديهم. وسيدركون في النهاية أننا دائما سنكون بجانبهم ندعمهم على الرغم من الأخطاء التي قد يواجهونها حتى يبلغوا سن الرشد.
الأمومة والأبوة لا تأتي مع دليل أو كاتالوج، وجميع ما نقوم به من طرق ووسائل تعتمد على التجربة والخطأ، لكننا نجتهد في البحث عن المعلومة من تجارب غيرنا ومن آراء الخبراء من حولنا ليتمتع أطفالنا بحياة هانئة وصحية قدر المستطاغ.
كأهل علينا دائماً أن نعطي أنفسنا الفرصة لكي نقيم مهاراتنا في التربية بشكل مستمر. إن مناقشاتنا المفتوحة الصادقة مع اعترافنا بأخطائنا لا يساعد فقط في معرفة الطريقة التي سنتعامل بها مع التكنولوجيا والهواتف الذكية وحسب، وإنما في التعامل مع كل ما يعترض أطفالنا من مشاكل وتحديات.