قصص أمهات
بناتي هنَّ مشروعي في الحياة وطريقي إلى الجنة
قصة يمامة محمد فايز شمو، أم لأربعة أطفال
تُخلق كل أنثى وقد زرع الله في داخلها غريزة الأمومة، ولكن تظهر هذه الغريزة على مراحل متفاوتة من حياتها، حتى تصبح أماً للمرة الأولى ويتكون لديها تصور واضح عما تريده لهذا الطفل ومستقبله والطريقة التي تفضلها في تربية وتنشئة أطفالها، قد تختلف الأمومة من أم لأخرى، ولكن تجتمع في كون الأم دائماً تسعى لتوفير الأفضل لأبنائها ومدّهم بالأدوات اللازمة لكي يشقوا طريق النجاح في حياتهم.
أنا أم لأربع أميرات هن: أديبة (١٣سنة)، وسميا (١١سنة)، وأسيل (6 سنوات)، وأسماء (سنة ونصف)، أرجو من الله أن يكنّ طريقي أنا وزوجي إلى الجنة، بدأت رحلتي كأم بشيء من الفوضى الجميلة التي ملأت حياتي بالحب والجنون وبالضغط والبكاء في كثير من الأحيان، ولكن كان يعقب كل هذا هدوء واطمئنان. لقد استمتعت في كل لحظة منها، ولكنني الآن أمام تحدٍّ عظيم، فيجب أن أتسلح بكل العلم والمعرفة التي سوف تعينني على تربية بناتي بما يحبه الله ويرضاه لذلك الدعاء لا يفارق لساني، أن يرزق الله بناتي التوفيق والسداد في حياتهن، لإيماني بأن الله تعالى هو المربي الأول الذي أنزل علينا أحكاماً عظيمة ترشدنا في كل مناحي الحياة.
أحببت كثيراً أن أعتمد التربية الإسلامية الإيجابية القائمة على احترام الطفل واعتباره إنساناً مكرماً، له الحق في أن يحترم ويحاور، وألا يتعرض للضرب، أو السب، أو الإهانة، أو الصراخ، أو الأذية بأي شكل كان أو لأي مبرر.
أحب العلم والمعرفة وأسعى لها دائماً، لذلك حرصت على الحصول على دورات متعددة في تطوير الذات والتربية وتحسين العلاقات، كما حصلت على الدبلوم العالي في القرآن الكريم من معهد إعداد المعلمات، ودبلوم المونتسوري، وبكالوريوس في الأدب الإنجليزي، كما أني مهتمة كثيراُ في قراءة كل ما يخص التربية والطفولة وعلم النفس، وقد ساعدني هذا الفضول وحب العلم في تربية بناتي ومساعدتهم في مرحلة التعليم، كوني كنت معلمة في السابق لمدة 9 سنوات لطالبات الجامعة، فلدي خلفية جيدة عن أساليب التعليم.
فكانت لدي ملاحظاتي على أسلوب التدريس في المدارس الذي يعتمد كلياً على مبدأ التلقين والواجبات الروتينية والاختبارات التقليدية، وهذا كله يخلق جواً من الرتابة ويسبب الملل والضمور لعقول الأطفال التي تحيا وتزدهر بالخيال والتحدي. فأطفالنا بحاجة إلى تعليم اكتشافي إبداعي يبتعد قليلا عن الرتابة والتلقين، هم بحاجة إلى تنمية خيالهم وقدراتهم من خلال التجربة والتطبيقات الميدانية، وهذا ما أفتقده بشدة في الأنظمة التعليمية الحالية.
لذلك أصبح لدي رؤية محددة فيما أحب أن أعلمه لأطفالي، ولأني واعية بالنواقص في التعليم المنهجي في المدارس، أحاول جاهدة تعويض هذه النواقص في المنزل بطريقتي وأسلوبي، وذلك من ناحية التربية الدينية والنفسية وغيرها من الجوانب الأخرى.
فضلت اتباع قاعدة تعليم المونتسوري في المنزل لأنني أراه علماً يدعم احترام شخصية الطفل وتعليمه الاستقلالية منذ الصغر، ويرفض وسائل العقاب، ويساعد الطفل على الاندماج في بيئته ومجتمعه بطريقة متزنة وفعالة.
ورغبة مني في أن يكون لدي منبر لأتواصل فيه مع أمهات مثلي، لنُكًّون سوياً مجتمعاً داعماً نتبادل فيه الخبرات ونتشارك التجارب ونتعلم الدروس، ولكي أتمكن من إيصال جزء من خبراتي وما تعلمته عبر السنين إليهن بطريقة سلسة وسهلة يسهل عليهن تنفيذها، لذلك قمت بتأسيس نادٍ للقراءة في منطقة الرياض، وأضفت إليه عضوات مميزات أفتخر بهن، والنادي مستمر ولله الحمد منذ ٤سنوات إلى هذا اليوم.
وقمت أيضاً بإنشاء حساب في إنستغرام ومدونة باسم @moms_ambition تطرح مواضيع عن التربية الإسلامية وتربية الأطفال والأمومة، نحن كأمهات معتاداتٍ على أن نعطي دون حدود وهذا بالفطرة، ولكن احذري من أن تكوني تلك الشمعة التي تحترق لتنير الآخرين، فالأم تحيا بالمشاركة والتعاون وليس بدور الضحية. أنصحك بالاهتمام بنفسك أولاً، لأن إهمالك لذاتك سيجعل من الصعب عليك تقديم الأفضل لعائلتك، ولأن اهتمامك بنفسك واعطاءها راحتها سينعكس إيجاباً على عائلتك وجميع من حولك.
وأخيراً أود أن أوجه نصيحة لكل أم، ليكن أول وأهم سلاح بين يديك هو الدعاء لأطفالك بالتوفيق دائماً، ولتكن قاعدتك في الحياة بأن أطفالك هم مشروع للآخرة لذلك أي وقت أو مال أو جهد تصرفينه في سبيل هذا المشروع سوف يعود عليك بالتوفيق والنجاح دائماً.