الأطفال ما قبل المدرسة 4-5 سنة
هل أمدح طفلي أم أشجعه... ما هي الممارسة الصحيحة؟
ربما فاجأكِ السؤال الذي وضعته عنواناً لهذا المقال. هل المدح والتشجيع شيئان مختلفان؟
بالنسبة للمربي قد يظن أن مهارتي المدح والتشجيع لا تختلفان كثيراً عن بعضهما، ولكن هذا المفهوم خاطئ كون تأثير المدح على سلوك الطفل يختلف عن تأثير التشجيع ولا بد للآباء والأمهات التفريق بينهما وفهم الفرق والتأثير الذي يتركه المدح على الطفل مقارنةً بالتشجيع.
أولاً: دعينا نطرح أمثلة تمهيدية لمناقشة هذا الموضوع.
يعرض الجدول السابق أمثلة لردود أفعال محتملة للمربي (قدمت الأمثلة إحدى مدربات مدرسة التربية الإيجابية من خلال مقطع يوتيوب) في ثلاث مواقف مختلفة عند استخدامه للمدح وردود أفعال مقابلة في نفس المواقف عند استخدامه للتشجيع.
يتضح من أمثلة الجدول أن العامل المشترك بين عبارات المدح هو تركيز المربي على مشاعره الشخصية الناتجة عن سلوك طفله الجيد. في حين أن العامل المشترك بين عبارات التشجيع تركيز المربي على وصف سلوك طفله الجيد الذي أوجد المشاعر الجميلة لديه.
إذا أخذنا المثال الثاني "قمت بعملٍ جيد.......أنا منبهر(ة)" كعبارة يمكن للمربي أن يمدح بها طفله على عمل جيد قام به. يمكن لهذا المربي أن يحول نفس عبارة المدح لعبارة تشجيع إذا صاغها بالشكل التالي "عملت بجد .... تستحق ذلك". استخدام هذه الصيغة بدلاً من الصيغة الأولى يجعل الطفل يركز على ما قام به "عملت بجد" وجعله يستحق الثناء أو المكافأة المقررة للنجاح في هذا العمل "تستحق ذلك".
فيما يلي أهم الجوانب التي يختلف فيها المدح عن التشجيع:
التعريف:
يُقصد بالمدح: التعبير عن الرضا والاستحسان، تعبير الشخص المادِح (في هذه الحالة المربي) عن رضاه واستحسانه من سلوك شخص آخر وهو الممدوح (في هذه الحالة الطفل) في حين يُقصد بالتشجيع التحفيز، في اللغة: شجّع الولد: قوّى قلبه وحثّه على العمل وبعث في نفسه الرغبة فيه.
الوصف:
يصف المادِح ذات الممدوح (أنت ممتاز) وهو سلاح ذو حدين حيث قد يؤدي وصف الذّات المستمر مع الوقت إلى غرور الممدوح وتكبره.
في حين يصف المشجِّع عمل الشخص الذي يشجعه (عمل ممتاز) الأمر الذي يترتب عليه مع الوقت زيادة ثقة هذا الشخص بنفسه وحرصه على رفع مستواه في هذا العمل.
التركيز:
يؤدي المدح إلى تركيز الممدوح على الخارج بمعنى التركيز على رأي الناس في سلوكه في حين يؤدي التشجيع إلى تركيز الشخص الذي يتم تشجيعه على رأيه الشخصي فيما قام به من سلوك. ما رأيي الشخصي فيما قمت به؟
ما هي الآثار المترتبة على المدح والتشجيع:
يترتب على المدح المستمر تركيز الشخص الممدوح على اللحظة الحالية. اللحظة التي يتم مدحه فيها ومشاعر الرضا الناتجة عن ذلك. في حين يترتب على التشجيع المستمر شعور الشخص الذي يتم تشجيعه بالرضا على المدى الطويل نتيجة للشعور المتراكم للثقة بالنفس الذي حصل عليه من المواقف المختلفة التي تم تشجيعه فيها.
أيضاً يترتب على المدح شعور الممدوح بقيمته بناءً على رأي الآخرين فيه في حين يترتب على التشجيع شعور الشخص الذي تمّ تشجيعه بقيمته بناءَ على رأيه الشخصي في سلوكه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ذلك لا يعني إهمال رأي الآخرين تماماً، ولكن عدم أخذه في الاعتبار بدرجة كبيرة عند تقييم الإنسان لسلوكه بمعنى إعطاء رأيه الشخصي في العمل أو السلوك الذي قام به النسبة الأكبر في التقييم (70% على سبيل المثال لرأيه الشخصي و30% لرأي الآخرين).
ختامــــاً:
من أفضل التشبيهات التي توضح الفرق بين المدح والتشجيع والآثار المترتبة على استخدامهما أن المداومة على المدح أشبه بالمداومة على أكل الحلويات (إفطار، غداء، عشاء) وعدم أكل أي مواد غذائية. يترتب على هذه المداومة مشكلات صحية كثيرة لما للحلويات من آثار سلبية على الجسم... في حين أن المداومة على التشجيع أشبه بالمداومة على المواد الغذائية الصحية المختلفة (حبوب، فواكه، خضروات، لحوم ....) وعدم أكل الحلويات يساعد على بناء جسم صحي قوي بإذن الله.
بناءً على ما سبق. الإجابة الصحيحة لسؤال: هل أمدح طفلي أم أشجعه؟ ....... طبعاَ: أشجعه
د. سلوى الهوساوي
خبير ومستشار تربوي لمرحلة الطفولة