قصص أمهات
باغتني السرطان وأنا حامل في الشهر السادس!
بقلم: ولاء عوايصة من فلسطين
أنا أم لابنتين، تمنيت أنا وزوجي أن يرزقنا الله بولد، وبالفعل حملت بطفلي الثالث وكان كل شيء على ما يرام، ذهبت للمراجعة الدورية في الشهر الرابع وأخبرتني الطبيبة أنني حامل بولد فرحنا أنا وزوجي كثيراً... ولكن سبحان الله فرحتنا لم تكتمل!
عندما أصبحت في الشهر السادس من الحمل، كنت أتفحص صدري ذاتياً ورأيت كيف تغير لونه من الحمل وظهرت أيضاً بعض بقع من الكلف. تفاجأت بكتلة بحجم حبة الحمص في صدري، كان الوقت ليلاً، فذهبت لزوجي ووالدته لأريهما إياها كانت إجابتهم: "هذه الكتلة قد تكون من غدد الحليب، ولكن من الأفضل أن تذهبي إلى الطبيبة في الصباح الباكر."
وفعلاً في الصباح التالي، ذهبت إلى الطبيبة مباشرة والتي بدورها حوَّلتني إلى المركز الصحي حيث قاموا بأخذ خزعة من الكتلة وفحصها، أخبرني الطبيب أن النتيجة ستحتاج لأسبوع.
بعد مضي أسبوع، اتصل بي زوجي في يوم النتيجة وقال لي أننا سنذهب لإعادة الفحص مرة أخرى، لأن النتيجة لم تكن واضحة بسبب حملي. بصراحة طوال تلك الفترة، لم أكن مهتمة ولم يخطر في بالي أي شي سلبي.
لم أفكر في ذلك المرض من الأساس.
ولكن عندما أُخذت الخزعة في المرة الثانية، تأثرت ولكنني كنت متوكلة على رب العالمين. قال لنا الطبيب أن النتيجة ستحتاج إلى ثلاثة أيام. في اليوم التالي، ذهبت لزيارة طبيبة النسائية والتوليد التي أراجع عندها تطور حملي وصحتي. أخبرتها بكل الذي حصل من بداية عمل صورة للثدي، والتي ظهر فيها خمس كتل ولكن لم تكن ماهيتها واضحة أو معروفة بسبب الحمل، ولذلك تم اللجوء لأخذ الخزعات.
لم ترض الطبيبة بكل هذه الإجراءات، وأخذتني إلى طبيب تصوير آخر والذي أيضاً بدوره لم يوضح ما إذا كانت هذه الكتلة سرطانية أم لا. فلم يكن من الطبيبة بعد كل هذه الإجراءات التي لم توصلنا إلى نتيجة واضحة إلا أن تقترح أن يتم إجراء عملية يتم فيها أخذ الكتلة وفحصها، فما تعرضت له من أخذ خزعات مرتين على التوالي لم يكن منصفاً خاصة خلال فترة الحمل!
يوم التشخيص
تم تحديد موعد مع الطبيب الجراح وعندما قام بفحصي، قال: "هذا ليس سرطان، هذه ألياف، سنقوم بعملية تنظيف للثدي لتتمكني من إرضاع الطفل فيما بعد."
ولكن بدا على زوجي التوتر، وأخذ يسأل الطبيب: "يعني دكتور مش سرطان؟"، رد الطبيب بالنفي وأكد أنه لا يبدو كذلك. فأكمل زوجي بسؤاله باستغراب: "ولكن الطبيب الأول الذي أخذ الخزعات، قال لي بعد نتيجة الخزعة الأولى أن هذه الكتلة سرطانية بنسبة ٨٠% !!".
وهنا كانت صدمتي بأن اسمع هذا الكلام من زوجي لأول مرة الذي لم يخبرني من قبل بأي شي حتى يتأكد.
عندها قال الطبيب: "سأنتظر نتيجة تحليل الخزعة الثانية، لأن ذلك الطبيب الذي أخذ الخزعات طبيب ماهر ولا أستطيع أن أشكك بكلامه. أما بالنسبة للعملية، فلا بد من الخضوع لها على جميع الأحوال إذا وجدت أنها ألياف فقط سأقوم بتنظيفها أما إذا كانت خلايا سرطانية يجب استئصال كل شيء."
فقلت له: "افعل ما تراه مناسبا."
حصل كل هذا يوم الثلاثاء. في اليوم التالي، أظهرت النتيجة بأن الكتلة عبارة عن سرطان. يوم الخميس كان يوم العملية... أي أنه منذ لحظة إحساسي واكتشافي للكتلة حتى موعد العملية لم تتعدى المدة عشرة أيام فقط!!
يوم العملية
ذهبت إلى المستشفى في صباح يوم الخميس وكنت قوية جداً ولم أشعر بأي خوف، فقد كان كل من أحب حولي.
جاء الطبيب وقال لي: "ولاء ظهرت النتيجة بالأمس هل عرفتِها؟" قلت: "نعم سرطان."
قال:" ومع ذلك وحتى هذه اللحظة لن أستطيع الجزم إلا بعد إجراء العملية وإرسال الكتلة إلى المركز لفحصها أثناء العملية، فإن بان أنها سرطانية سأقوم بالاستئصال الكامل وإذا كانت نظيفة سأكتفي فقط بإزالة الكتلة مع التنظيف.". وافقت على كل ما قال.
أخذ الجميع يودِّعني قبل الدخول للعملية وكنت أقوى منهم. لكن، لحظة دخول غرفة العمليات - وكانت أول مرة أرى فيها غرفة عمليات في حياتي- تذكرت ابنتيَّ وبدأت بالبكاء...
استيقظت ووجدت نفسي في غرفة ثانية، عندما بدأ مفعول التخدير بالتلاشي وبدأت استعيد وعيي، سألتهم: "كم الساعة؟" أجابوا بأنها الواحدة والنصف ظهراً. قلت: "إذن إنه وقت صلاة الظهر، أريد أن أرتدي ملابسي وأتوضأ لأصلي."
استغرب الجميع وقالوا: "كيف وأنت لا تستطيعين القيام؟". كنت ضعيفة ولكنني استطعت الصلاة وشكرت ربي على نعمه عليَّ وحمدته على صحة جنيني فلم يحصل له أي شي أثناء العملية.
كل هذا بفضل ثقتي الكبيرة بالله ونعمته عليَّ، وزوجي الذي كان الداعم الأول لي بوقوفه إلى جانبي في كل الأوقات وبرضاه بقضاء الله وقدره، ودعم جميع أحبابي ومساندتهم لي؛ استطعت أن اجتاز هذه المرحلة الصعبة.
بعد العملية
بعد العملية بأقل من شهر تقريباً، مررنا بوقت عصيب على الرغم من دعم الجميع لي؛ فقد قام ابن عمي بقتل شاب من البلدة التي كنا نعيش فيها وبحكم صغر المنطقة والمجتمع، فقد تقرَّر ترحيل أعمامي وعائلاتهم من البلدة وكنت أعيش أنا وعائلتي مع أحدهم مما اضطرنا للرحيل إلى بيت جدي والد أمي المقيم في بلدة أخرى - كل هذا وأنا مريضة، لم يكن بالأمر الهيِّن عليَّ خروجي من بيتي مع أطفالي رغم أنهم قاموا بتوفير جميع سبل الراحة لي كمريضة إلا أنني وددت قضاء فترة مرضي في بيتي وعلى سريري فقد كان قد بقي من خطة علاجي، مرحلة العلاج الكيميائي - التي كانت ستبدأ بعد ولادتي بأسبوعين!
شعرت بالحزن حيال هذه الخطوة بسبب ما سيحدث لشعري الذي كان طويلاً جداً... ولكن للمرة الثانية أذكر أنه وبسبب دعم زوجي المتواصل وعدم اهتمامه لموضوع تساقط شعري، حواجبي ورموشي، وقوله الدائم لي: "أهم ما في الموضوع هو أن تتعافي." كان له الأثر الكبير في تهوين الوضع.
في الوقت الحالي
حالياً وبحمد الله وبفضله أنهيت العلاج وشفيت من سرطان الثدي. أقوم بإجراء فحوصاتي كل ثلاثة أشهر بالإضافة إلى الصور التي يطلبها الطبيب وكل الأمور الصحية ممتازة والحمد لله. لكنني أعاني من أوجاع في يدي اليمنى إثر موقع العملية، وأشعر بثقل وكسل فيها كما حال كل من خضع لهذه العملية إلا أنني في نهاية قصتي لا أستطيع القول إلا الحمد لله على كل حال".
رسالتي لكنَّ عزيزاتي:
تمتعن بالقوة، افحصن أنفسكن باستمرار ولا تتغاضين عن أية أعراض قد تحسون بها. نحن معكن ومع أن هنالك العديد من القصص والروايات السلبية إلا أن هنالك العديد من القصص الإيجابية والمشجعة والداعمة للجميع.
لقراءة المزيد: