قصص أمهات
مذكرات أم عاملة: كيف وصلت إلى وزني المثالي!
الحلقة الرابعة
ترن ساعة المنبه في الساعة الخامسة صباحاً. أمد يدي للضغط على زر snooze، و لكني أمنع نفسي من ذلك لأن ما سيحصل بعد ذلك معروف! أذكّر نفسي بأن كل ما عليّ عمله هو النهوض من فراشي الدافئ وبعدها سيصبح الأمر أسهل. ٣،٢،١.. ها قد نهضت أخيراً.
ملابسي تنتظرني قرب مغسلة الحمام. أرتديها بهدوء، وأربط رباط حذائي الرياضي، ثم أغادر المنزل على أطراف أصابعي، وأركب السيارة. بحلول الساعة الخامسة والنصف أكون قد بدأت بالإحماء لبدء تمريني الرياضي. هل تعتبرون هذا روتيناً قاسياً؟ دعوني أشارككم القصة التي أوصلتني إلى هنا .
إذا كانت عائلتكم كعائلتي، فلابد من وجود يوم في الأسبوع تجتمع فيه الأسرة في جلسة عائلية لطيفة. ومن المعلوم أنه كلما كبر التجمع، كلما زادت فرص خروج الأمور عن السيطرة، ليتحول التجمع العائلي الى شيء مختلف تماماً.
يحدث هذا الطقس العائلي في ليلة السبت من كل اسبوع، ويميل إلى أن يكون مهرجاناً لتناول ما لذ و طاب من الأطعمة، و من المؤكد أن النساء في العائلة ينتهزن هذه الفرصة لاستعراض مهاراتهن في إعداد الطعام.
في إحدى تلك الليالي، وبعد حوالي ٩ أشهر من ولادتي الأولى، قررنا أن نطلب طعاماً جاهزاً. كما هو الحال في معظم العائلات الكبيرة، كان الوصول إلى إجماع في تلك الليلة أشبه بالمهمة المستحيلة، فالبعض كان يريد طعاماً خفيفاً وصحياً، بينما كان البعض الآخر يشتهي تناول البرغر والبطاطا المقلية.
قمت عندها بالتعليق - و بكل ثقة - بأنني استطيع تناول ما أريد من طعام، لأنني مازلت أرضع طفلي، وهو الأمر الذي يساعدني على حرق السعرات الحرارية الإضافية. لقد كنت متأكدة بأنني قد خسرت معظم الوزن الذي اكتسبته أثناء الحمل، وعبرت عن هذه "الحقيقة" في تلك الجلسة، وبكل ثقة !
لم يستطع زوجي (وأنتم تعلمون من مقالي السابق كم هو زوج وأب رائع، لذا لم يكن من وراء كلامه أي سوء نية) إلا أن يصحح ما قلت في تلك الليلة؛ بأنني مازلت بحاجة إلى التخلص من بعض الوزن الزائد.
لم أستطع إلاّ أن أتحداه وأن أراهن على أنه مخطئ. فكما تعلمون، نحن النساء دائماً على حق! أليس كذلك؟
قمت من مكاني و توجهت بخطوات واثقة إلى الميزان الموجود في الممر لأثبت رشاقتي لزوجي العزيز. وقفت عليه ... تجمدت عيناي على الرقم الذي كان يحدق بي. شعرت بموجة حارة تسري في جسدي وبالجفاف في فمي، ًوبعدها ضاع صوتي في أعماقي. .
لم أخسر أي شيء من وزني. لا شيء على الإطلاق. بل على العكس، لقد زاد وزني كيلوغراماً واحد بعد ولادتي.
بدت لي جلستنا في تلك الليلة أطول وأثقل، كانت دموعي حبيسة في أطراف عيني، تنتظر أي حافز لتغافلني وتنهمر في أي لحظة.
وصل الطعام المنتظر، ولكن لم يكن لدي رغبة في البيتزا التي كنت أشتهيها قبل نصف ساعة. اقتربت مني والدة زوجي وقالت لي بأخفض صوت ممكن: “لا تقلقي، سيختفي كل الوزن الزائد. طفلك بحاجة لطاقتك وأنت بحاجة للتغذية الجيدة”. ولكنني لم أكن متواجدة معهم، كنت قد سرحت بعيداً مع أفكاري، و تساءلت باستهجان: كيف حدث هذا؟ كيف لم أنتبه إلى نفسي؟ كيف صدقت بأنني قد عدت إلى وزني الطبيعي؟
لقد أثر هذا الوضع على نفسيتي وعلی ثقتي بنفسي، وباتت المشكلة أعمق من مظهري الخارجي.
لم أستطع النوم في تلك الليلة. دوامة الأفكار أثقلت رأسي، وبدت لي خسارة الوزن الزائد أصعب مهمة على وجه الأرض، وخصوصاً مع نمط حياتي الذي لا يهدأ .
كأي أم عاملة لطفل عمره أقل من سنة، كان يومي مشغولاً إلى درجة جنونية، وكان من الصعب، في معظم الأيام، تحديد بداية نهاري من نهايته! ما أكثر الليالي التي نمت فيها بجانب طفلي، لأستيقظ في صباح اليوم التالي لأجد نفسي ملتفة على نفسي في ذلك السرير الصغير ! .
استسلمت للنوم بعد أن أنهكتني أفكاري.
مر اليوم التالي بشكل اعتيادي، إلى أن حان موعد نوم طفلي. وضعت طفلي للنوم في الساعة الثامنة مساءً وارتديت ملابسي الرياضية ، ولكن سرعان ما خلعتها بعد أول نظرة في المرآة ! لقد بدوت كمن سرقت ملابس أختها الصغرى! كم كنت أصغر حجماً! استبدلت اللباس الرياضي الأنيق ببنطال رياضة واسع وتي شيرت، وخرجت مسرعة من البيت (كان لدي مدبرة منزل استطيع الاعتماد عليها للاعتناء بطفلي وهو نائم).
إذا كنت لا تزالين تعانين من زيادة في الوزن، فاعلمي أنك لست وحدك. العديد من الأمهات مررن بنفس التجربة والعديد منهن نجحن باجتياز هذه المرحلة الحرجة. إنها مسألة وقت لا أكثر!
كانت الساعة تقترب من التاسعة مساءً عندما خرجت بسيارتي من الكراج، وهو الوقت الذي صادف عودة زوجي من الخارج، فالتقت السيارتان في المدخل.: “"إلى أين أنت ذاهبة؟” سألني باستغراب و هو ينظر الى الساعة. “ أنا ذاهبة إلى النادي الرياضي لأتمرن. إذا كان علي التضحية بجزء من يومي لأستعيد قوامي السابق، فسيكون علي التضحية بالوقت الذي أقضيه معك للأسف، لأنه الوقت الوحيد الذي أستطيع الاستغناء عنه في الوقت الحالي! وقبل أن أعطيه الفرصة للإجابة أو التعليق وجدت نفسي أقود السيارة بعيداً. وذهبت ببساطة من دون أن أدع له المجال بأن يرد علي.
لقد كنت غاضبة منه الى أبعد الحدود، و بقيت كذلك لمدة طويلة. أو لعلني كنت غاضبة من نفسي؟
بدأت رحلتي مع اللياقة البدنية في ذلك اليوم، كنت أشعر بالحماس في العديد من الأيام، ولكن مررت في مراحل متعددة من الملل واللامبالاة والانهزام. ومع مرور الوقت، بدأت المشاعر السلبية تتطغی على معظم الأيام، وبدت غايتي في الوصول الى الحمية المناسبة والوزن المثالي شبه مستحيلة.
و لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد أثر هذا الوضع على نفسيتي وعلی ثقتي بنفسي، وباتت المشكلة أعمق من مظهري الخارجي.
عندها اقترح زوجي روتيناً مبكراً لممارسة التمارين الرياضية، وكان منطقه من وراء هذا الاقتراح بأنني سأستطيع بهذه الطريقة إنهاء التمرين في الصباح الباكر عندما أكون بكامل طاقتي، ولن أشعر بالذنب لقضائي ساعات إضافية بعد العمل بعيداً عن بيتي وعن طفلي، وسيساعدني هذا الروتين على حرق المزيد من السعرات الحرارية، تماماً كما هي الحال في الصيام .
لقد أتاح لي هذا الروتين قضاء وقت نوعي مع نفسي بعيداً عن البيت والعمل. وبفضل ذلك أصبحت أماً أقوى وقدوة أفضل لأولادي.
لم يكن لدي خيار آخر سوى تجربة هذا الاقتراح. كان لدي شك كبير بنجاح هذه الفكرة، كنت شبه متأكدة بأن هذا الاقتراح سيفشل أيضا ً! ولكن زوجي أثبت لي، للمرة الثانية، أنني مخطئة! لم أبدأ بفقدان الوزن فحسب، بل بدأت أشعر بأن لدي الكثير من الطاقة خلال اليوم بسبب البداية النشيطة لنهاري .
مضت ثمانية أعوام منذ ذلك اليوم، و يسعدني أن أقرّ لكم اليوم بأن ممارسة التمارين الرياضية باستمرار قد أصبحت جزء لا يتجزأ من نظامي الأسبوعي. لقد أتاح لي هذا الروتين قضاء وقت نوعي مع نفسي بعيداً عن البيت والعمل. وبفضل ذلك أصبحت أماً أقوى وقدوة أفضل لأولادي.
إذا كنت لا تزالين تعانين من زيادة في الوزن، فاعلمي أنك لست وحدك. العديد من الأمهات مررن بنفس التجربة والعديد منهن نجحن باجتياز هذه المرحلة الحرجة. إنها مسألة وقت لا أكثر!
هناك حل يلائم كل واحدة منا، فلكل واحدة منا ظروف مختلفة، وظروف كل منا تتغير باستمرار أيضاً، فما يناسبك اليوم من الممكن أن يتغير غداً، و لكن أهم شيء هو أن تخصصي ساعة من وقتك أربع أو خمس مرات في الأسبوع لنفسك ولصحتك، فأنت تستحقين ذلك.