قصص أمهات
وجدت الحلول المناسبة للتعامل مع الغيرة بين أبنائي الأربعة
بقلم: مها عبدالله أبو عيشة، أم لأربعة أطفال.
لا شك بأن عالم الأطفال عالمٌ واسع، وكيفما حاولت الأم أو فكرت بطرق لتجنب نشوب الغيرة بين أبنائها، فإنها قد تفشل في كثير من المواقف، ذلك لأن الغيرة موجودة وهي طبيعة بشرية، الفرق الوحيد أنها تحدث بتفاوت بين الأطفال!
يحاول الأهل دائماً أن يجدوا حلولاً عملية لموضوع الغيرة، خاصة إذا كان الأطفال في عمر صغير، ولكن الحقيقة أن الغيرة موجودة حتى عندما يكبر الأطفال، لذلك يجب علينا التفكير بوسائل جدية للحد من هذا الموضوع، خاصة إن رافقه أذىً أو ضرب.
بداية يجب أن ندرك أن الغيرة دليلٌ على أن الطفل سوي ويتصرف تصرفاً طبيعياً، فلا يوجد طفل لا يغار، حتى وإن سمعتِ عزيزتي الأم من صديقتك أو من جارتك عكس ذلك، فتيقني أنها تبالغ، وأن وضع أطفالك هو السليم
إذاً، هل تستسلم الأم وتترك أطفالها لهذه الغيرة؟!
بالطبع لا..عليها أن تحسن التفكير، وأن تتحلى بالصبر وتحاول إيجاد الحلول.
من خبرتي كأم، يمكنني أن أخبرك أنني عشت التجربة مرتين، مرة مع أول طفلين لي (ابني الكبير وابنتي)، ومرة أخرى أعيشها الآن مع ولدي عبدالله وجاد، فقد رزقني الله بجاد ونحن في حظر بسبب جانحة الكورونا.
تركت ولدي عبدالله مع إخوته، كانت هذه المرة الأولى التي أتركه فيها، وكنت أفكر كيف سأعود وفي يدي طفل صغير؟
كيف سيدرك طفلي ذو العامين والنص أن هناك كائن صغير سيعيش معنا؟ مع العلم أنني كنت دائماً أتحدث إليه عن الطفل الصغير٫وقد هيأته ليسهل عليه استقبال الأمر عند حدوثه، ولكن بالتأكيد الواقع لا يكون مثل الخيال!
بداية لم يبد ولدي عبدالله أي مشاعر تجاه ملاكنا الصغير، وقد استمر هكذا لمدة شهرين، ثم اشتعلت نار الغيرة وأصبح يهتم بجاد كثيراً، حركاته ابتساماته، يريد أن يحمله، يسحب يده بقوة ويقبله بقوة أكبر!
ثم فكرت أنه لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا، ورأيت أن أفضل طريقة لإخماد الغيرة هي بإلهاء الطفل الأكبر٫مثلا كلما هم بمضايقة أخيه الأصغر جاد، أخبرته أن يحضر لي سيارته الحمراء، أو أن يحضر لي كوباً وهمياً من الشاي من عدة مطبخه الجميل، أو أن يعطيني هاتفي، وكلما عاد إلى الغيرة من أخيه الأصغر ابتكرت شيئاً جديداً.
والحل الثاني الذي نجح معي هو بتكليفه بمهمة الاهتمام بأخيه الأصغر، فهذا يجعله يشعر بأنه ذو مسؤولية عظيمة، فيحاول أن يبهرني ويشعرني أنه على قدر هذه المسؤولية التي أوكلت له.
ما أفعله هو أنني أترك جاد في مقعده، ثم أخبر عبد الله أنني سأذهب لإحضار فنجان القهوة الخاص بي، وأحاول أن أشجعه فأقول له: عليك أن تهتم بجاد، أعطه لعبته واحرص ألا يبكي، ٫اهتم به ريثما أعود. وهنا سيتحول طفلي الغيور إلى طفل محب يخاف على أخيه الصغير.
أهم شيء في موضوع الغيرة ألا تنسي أن طفلك الأكبر بحاجة إليك أيضاً، في كل مرة ينام فيها الصغير فرغي نفسك وطاقتك للكبير.
بالنسبة لي كنت أستغل مثل هذه الأوقات في اللعب والتلوين والرسم مع عبد الله، فالاهتمام بالكبير سيشعره أنك ما زلت تحبينه، وهذا ما يريده الأطفال حقاً.
أخيراً أذكرك أن الأمومة مرحلة صعبة ولكنها مرحلة لا تنسى بالنسبة لك ولأطفالك أيضاً، فكم هي كثيرة تلك الذكريات التي ما زالت محفورة في قلبك لك مع شقيقك أو شقيقتك منذ الطفولة!
الأيام تمضي بسرعة دون أن نشعر بها، فحاولي دائماً أن تعيشي هذه الأيام مع أطفالك بحب وصبر، فهي مرحلة جميلة من عمرك وأعمارهم لا بد ستنتهي يوماً لتستقبلي وإياهم مراحل جديدة أجمل.