قصص أمهات
اسمي عنان عرفات، وهذه قصتي مع سرطان الثدي
أنا عنان عرفات أم لثلاثة أطفال، قررت مشاركة قصتي لكي تصل لأكبر عدد من الأمهات ليتجنبوا الأخطاء التي مررت بها، ولعل أن تكون تجربتي سبباً في إنقاذ حياة سيدة.
كانت حياتي جميلة وبسيطة وعفوية، أنا إنسانة اجتماعية تحب الخروج والسهر، ولكن كان لهذا النمط من الحياة جانب سلبي فرضته على نفسي وهو إهمال صحتي وتجاهل التعب الذي أشعر به، وأخذ الأدوية بطريقة خاطئة دون وصفة طبية، كنت أسرف في استخدام أدوية الهرمونات التي تعمل على تأخير وتقديم موعد الدورة الشهرية، لدرجة أنني كنت استخدمها لتأخير موعد الحيض لمجرد أني أريد حضور مناسبة.
من الله علي بطفلين هما الحياة بالنسبة لي، وبعدها لم أفكر بالحمل نهائياً وقررت تبعاً لذلك أخذ حبوب منع الحمل، واستمريت بأخذ الحبوب لمدة 11 سنة!
والجميع يعلم بخطورة أخذ حبوب منع الحمل لمدة طويلة، وذلك لأنها قد تسبب العقم، وقد نصحوني أهلي وصديقاتي بخطورة الاستمرار بأخذ هذه الحبوب ووجود طرق أكثر أماناً لتنظيم الحمل، ولكنني تجاهلتها.
تجربتي مع الإجهاض
حين رغبت بالحمل أوقفت استخدام حبوب المنع، ولكن لم يحدث حمل لفترة طويلة، ذهبت بعدها للطبيب لعمل فحوصات حيث أخبرني أنني أصبحت عقيماً!
ولكنني لم أستسلم لكلام الطبيب، وذهبت لطبيبة في عيادة أخرى حيث بدأنا بكورس علاجي تكلل بالنجاح، وحملت بابنتي بعد 11 سنة ولله الحمد، وعدت لاستخدام حبوب منع الحمل مجددا.
حاولت الحمل مرة أخرى، ولكن مع الأسف أجهضت الجنين في الشهور الأولى، وحملت بعدها مرة أخرى وأجهضت أيضاً، وفي حملي الثالث ذهبت للاطمئنان على صحة الجنين حيث أخبرتني الطبيبة أن الجنين لا ينمو وسوف تجهضين وبالفعل هذا ما حدث، لم أهتم كثيراً ولم أبحث عن سبب تكرر الإجهاض لدي ولماذا لا يستمر الحمل معي.
شعرت بوجود كتلة في صدري
وفي عام 2019 شعرت بإرهاق وتعب في جسدي كنت أعمل حينها في مستوصف، وذهبت للطبيبة أشرح لها عن الأعراض التي أحس بها، وعملت بعض التحاليل التي بينت وجود التهاب بالجسم، لكن غير واضح سببه ومكانه ولا بد لي من عمل المزيد من الفحوصات، ولكن للأسف تجاهلت الأمر وأكملت حياتي.
في نفس السنة، وفي رمضان تحديداً شعرت بوجود كتلة كروية في صدري، خطر لي أن هذه الكتلة قد تكون تجمع للحليب، ولم يخطر لي شيء آخر، تجاهلتها لبضع أيام ثم قررت الذهاب لعمل فحص، وبعد عمل الفحص أخبرتني الطبيبة بضرورة الكشف لدى مختص، ذهبت حينها لطبيبة نساء وولادة حيث أخبرتني أنه على الأغلب أنها كتلة حليب ولا بد من عمل أشعة سونار لكي يتم تحديد نوعها وكيفية التعامل معها.
بعد عمل الأشعة ذهبت للطبيب للنتائج حيث أخبرني بضرورة عمل خزعة، وانتظرت نتيجة الخزعة أسبوعاً ولم يخطر ببالي في هذا الوقت غير أن تكون هذه الكتلة عبارة عن كتلة حليب وسيتم علاجها ببساطة.
حتى أتى ذلك اليوم وردني اتصال من رقم غريب، حين أجبت الاتصال كان الطبيب على الجانب الآخر من المكالمة ليخبرني بضرورة زيارتنا المستشفى أنا وزوجي غداً صباحاً، استغربت من طلبه حيث أجبته ضاحكة ما الذي يستدعي حضوري أنا وزوجي للمستشفى، وسمعت تلك الكلمات التي لم تكن بالحسبان "أنتِ مصابة بالسرطان".
كان لهذه الكلمات وقعاً مرعباً علي توقفت الحياة في هذه الثواني لم أعد أفكر بشيء، مرت حياتي بالأكمل أمام عيناي في هذه الثواني.
لم أتقبل الفكرة نهائياً، كنت في صدمة استدعتني بعض الوقت لاستيعابها، ولكنني تذكرت القول إن ربي إذا أحب عبداً ابتلاه، ولا تقنطوا من رحمة الله.
ذهبت للطبيب لمناقشة خطة العلاج، أخبرني بضرورة استئصال الثدي، ومن ثم البدء في جلسات العلاج الكيميائي؛ ومن ثم الإشعاعي والهرموني.
تعبت كثيراً لكي أتقبل المرض والعلاج، وضللت أفكر بأن الأنبياء لولا محبة الله العظيمة لهم لما ابتلاهم، وقد اختارني الله لكي أواجه هذا المرض لمحبته لي، وقد يكون اختباراً لصبري وتوكلي على الله.
رحلتي مع علاج سرطان الثدي
قررت أن أواجه المرض، وأحاربه من أجل نفسي وعائلتي، ذهبت لطلب المشورة والمعونة من الله في بيته الحرام، وطلبت منه -سبحانه- أن يلهمني الصبر والقوة على مواجهة هذا المرض.
وعدت من رحلتي الروحانية لمكة لأبدأ برحلة العلاج الصعبة، وكلي أمل وثقة بالله عز وجل، لم يكن قرار الاستئصال قراراً سهلاً علي، ولكني استخرت وتوكلت على الله.
لن أبسط الأمر، وأخبركم بأن العلاج كان سهلاً، مررت بأيام صعبة للغاية تمنيت فيها الموت، ولكن إيماني بقوة الله كان أعظم من هذا الألم. من أصعب اللحظات التي مرت علي حينما رأتني ابنتي، وقد تساقط معظم شعري، وأخبرتني ماما شكلك غير جميل أحب شعرك السابق أكثر.
بعد مروري بعدد من جلسات العلاج قرر الطبيب ضرورة استئصال الرحم، كان لهذا الخبر وقع عظيم علي، لن أستطيع الإنجاب بعد اليوم!
ولكني حمدت الله كثيراً على وجود أولادي وهم أكبر نعمة من الرحمن.
زوجي كان الداعم الأول لي
من الأسباب التي دفعتني وألهمتني القوة للاستمرار في العلاج ومحاربة المرض هي وجود دعم قوي من أهلي وصديقاتي وزوجي الذي كان داعماً محباً وقوياً لي في هذه المرحلة الصعبة من حياتي لن أنسى موقفه معي ما حييت، حين تساقط شعري بعد جلسات العلاج الكيميائي قام بحلاقة شعره تضامناً معي ولكيلا أشعر بأني مختلفة، حين تم استئصال ثديي ورحمي أخبرته بأن عليه الزواج من امرأة أخرى ولا أمانع في ذلك، لكنه رفض ذلك بشدة وأخبرني بأنه لن يتركني أبداً، والحمد لله أنا الآن متعافية من المرض.
نصيحتي لكل سيدة تقرأ قصتي الآن
أول وآخر نصيحة لك هي الكشف والفحص المبكر؛ لأنه فعلياً قد ينقذ حياتك، ويجعلك تنعمين بحياة وردية مع من تحبين، ولا تتجاهلي نهائياً أي أعراض تشعرين بها.
احذري من إهمال صحتك واحذري من استهلاك الأدوية من غير إشراف الطبيب، وإن كتب لك وأصبتِ بالمرض لا تقنطي من رحمة الله واعلمي بأن الطب يتطور سريعاً والعلاج متوفر بإذن الله، استمدي قوتك من الله ثم من ذاتك ثم من الناس من حولك، عائلتك، أصدقائك، زوجك.
نحن محاربات، صابرات، راضيات بأقدار الله، وسنظل أقوياء، وسنظل ننشر التفاؤل والشجاعة والقوة دوماً.