قصص أمهات
حادثة غرق لدقائق غيرت حياتي وحياة طفلي إلى الأبد
قصة الأم أركان الباز- أم لثلاثة أطفال
كرم.. طفلي البطل.. هو هدية الله لي وأجمل نعمه علي..
فما حدث لصغيري لم أكن لأتوقعه أو أتخيله يوماً، لكن هذه هي الحياة تفاجئنا باختباراتها وحوادثها الكثيرة ولا يكون لنا إلا أجر السعي والصبر والرضا..
اسمي أركان الباز من فلسطين، أعمل كمعلمة ولدي ثلاثة أطفال هم احمد وكرم وآية الصغيرة، وهذه هي حكايتي..
تعرض طفلي كرم في الأول من شهر نيسان عام 2021 لحادثة غرق في بركة الأسماك الموجودة في المنزل، كان يبلغ من العمر حينها سنة وعشرة أشهر، وقد فقد الوعي لأكثر من 45 دقيقة، قضى بعدها بضعة أيام في العناية المركزة، وكانت هذه المدةً كافيةً لتسبب لدماغ طفلي ضرراً كبيراً، وعلى الرغم من أن عودة كرم إلى الحياة كانت كالمعجزة، إلا أنه الآن بحاجة إلى رحلة طويلة من العلاج.
لم أسمح لكلام الأطباء أن يسرق مني الأمل
قال لنا الأطباء حينها أن كرم قد غاب عن الوعي لمدة طويلة كانت كفيلة بأن تسبب موت خلايا دماغه بأكملها تقريباً، وهو ما ترتب عليه العديد من الأضرار الحركية والذهنية، وقد ظن الأطباء في البداية أن عودة كرم إلى الحياة أمر مستحيل، ولكنه بفضل الله عاد ليعيش بيننا وكتبت له حياة جديدة!
عندما تعرض طفلي للحادث كنت حاملاً في الشهر التاسع بطفلتي الصغيرة آية، وقد تركته في العناية المركزة لأذهب لقسم الولادة وعدت لرؤيته بعد ثلاثة أيام. كانت أياماَ صعبة جداً عشت فيها حالة من الصدمة والترقب والخوف مما هو آت، وعندما عدت إلى المنزل، بدأت أفكر بكل الحلول التي أملكها بالرغم من كل شيء، فطفلي بعد أن كان طفلاً سليماً لا يشكو من شيء تحول بدقائق إلى طفلٍ بطل من الأطفال ذوي التحديات، فكان أمامي إما أن أقبل بالواقع كما هو أو أن أتمسك بالأمل وأبدأ بمشوار العلاج مع طفلي متحدية بذلك كلام الأطباء وتوقعاتهم.
اخترت الصبر والسعي، فأنا كما أؤمن بحكمة الله وقضائه أؤمن بعظيم قدرته، لذا لم أفقد الامل يوماً وما زلت أبحث عن معجزة تعيد طفلي كما كان. بالرغم من أن هذا الخيار هو الأصعب والأكثر تكلفة، إلا أنني أريد أن أؤدي الأمانة التي منحني إياها ربي، وأنا راضية مهما كانت نهاية الرحلة.
بدأنا رحلة العلاج لتحقيق المعجزة
بدأنا رحلة العلاج بعد ثلاثة أشهر من خروج كرم من العناية المكثفة، وقد بدأت في المستشفيات المحلية لمدة تسعة أشهر، ومن ثم استطعنا بفضل الله تعالى السفر إلى الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أشهر بدأنا خلالها العلاج بالأكسجين، لتتجدد رحلتنا إلى هناك بعد ستة أشهر من عودتنا لإجراء عملية زراعة خلايا جذعية لكرم، ولا زالت الرحلة مستمرة والأمل يتجدد لعلاجه، وكان لنا أيضاً رحلة إلى الأردن، وقد تحسنت حالة طفلي هناك بنسبة 20% بالرغم من صعوبة الطريق ولكننا ما زلنا مستمرين في هذا الأمر حتى الشفاء الكامل.
واليوم يعاني كرم من تشنجات عصبية، وفقد القدرة على الوقوف والمشي والنطق أيضاً، ولكنه يستطيع التنفس بشكل طبيعي دون أن يحتاج لأي جهاز مساعد، ولكنه لا يستطيع القيام بأي شيء بشكل مستقل وبحاجة إلى مساعدتنا دائماً.
حادث طفلي شكل نقطة فارقة في حياتي..
ما حدث لطفلي كان نقطة فارقة في حياتي، وقد أثر بشكل كبير في حالتي النفسية، ولكنني وبالرغم من ذلك كنت أتحدث عن طفلي، وقد لجأت إلى حسابي في منصة الإنستغرام للتعبير عما أشعر وأمر به، فبدأت بمشاركة الدعاء له ومن ثم مشاركة أفكاري ومشاعري تجاهه وحالته، وقد وجدت مجموعة كبيرة من الداعمين، سواء من العائلة أو من المتابعين، وكبر حسابي ليصبح مصدراً للتوعية بحالة كرم وعلاجه.
أود أن أقول لجميع الأمهات بشكل عام وأمهات الأطفال الأبطال بشكل خاص، أحبي طفلك مهما كانت حالته، وتواصلي معه ولا تصرخي في وجهه، ولا تهمليه، فهؤلاء الأطفال هم كالملائكة وعلينا تقبلهم مهما كانوا.
إن أكثر شيء يحتاجه أطفالنا منا هو الوقت، فكل شيء يمكن أن ينتظر إلا أطفالنا واحتياجاتهم، فهم أولويتنا، وهم أمانة يجب أن نحافظ عليها وأن نتحمل مسؤوليتنا تجاههم. بالنسبة لي، فقد أعطيت طفلي كل الوقت والاهتمام والحب، ولم أتخلى عنه للحظة واحدة، كنت بجانبه دائماً وكلي أمل بتحسنه وشفائه.
وجل ما أحتاجه أنا وكرم من الناس الآن هو الدعم بالدعاء، وتقبل الأطفال الأبطال مثل كرم في كل مكان، وتقديم الدعم لهم ولأهاليهم، وأن نكون مصدراً للأمل لا مصدراً لليأس والحزن الذي ذقت منه الكثير، لكني أغالبه بالسعي والرضا والتفاؤل بأن القادم أجمل بمشيئة الله.