قصص أمهات

قصتي مع تسمم الحمل في الشهر الثامن

قصتي مع تسمم الحمل في الشهر الثامن
النشر : يناير 18 , 2021
آخر تحديث : يونيو 23 , 2024
أم لطفلين، هما الامتداد المُشرق بين قلبي والحياة.أبحثُ عن المعنى، عن القيمة في كل شيء. درستُ الصحافة بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الملك عبدالعزيز... المزيد

بدأت رحلتي مع الأمومة منذ اللحظة الأولى التي علمت فيها بوجود طفل يسكن أحشائي بدايةً سعيدة لا تخلو من دموع الفرح، ومن متاعبٍ متتالية لا تتجاوز الشيء الطبيعي المعتاد لأغلب الأمهات، مر الثلث الأول من أشهر الحمل بطيئًا بعض الشيء، ثم جاء الثلث الثاني حاملاً الأيام الخفيفة الأكثر راحة فقد ولّت أعراض الوحام، ولم يثقل وزن الجنين الصغير بعد ولم ينهكني حمله، وحين جاء الثلث الأخير من الحمل بدأت بطني بالبروز أكثر، وبدأ الأمر يصبح أكثر جديّة بالنسبة إليّ، وسعادة بقرب موعد لقائي بالصغير المنتظر.

 

كنتُ حريصة على كل ما من شأنه أن يدعم صحة الجنين ونموه السليم، وكل ما قد يدعم الحمل والولادة الطبيعية، من تناول المكملات الغذائية، وممارسة المشي الخفيف، وتمارين القرفصاء مع اقتراب موعد الولادة المتوقع، بالإضافة إلى الانتظام في مواعيد متابعة الحمل لدى طبيبتي والاطمئنان أولاً بأول على العلامات الحيوية.

 

ومع مرور الأيام في الشهر الثامن من الحمل، بدأت ألاحظ علامات احتباس السوائل في الجسم فقدمي ويدي متورمة قليلاً، خصوصاً حين أكون في وضع الجلوس لفترة أو حتى الوقوف، فأصبحت بين الحين والآخر أعمل بالوصية المعتادة بأن أجلس واضعةً قدمي في مستوى متساوٍ للجلوس، أو حين الحاجة أقوم برفعهما أكثر لتخفيف ضغط السوائل في قدمي، كما قمت بإخبار طبيبتي بالأمر فأجرت لي فحص "الزلال " للتأكد من عدم وجود تسمم حمل، وظهرت نتيجة الفحص سليمة فاطمأننت نوعًا ما.

 

لكن ما كان يقلقني هو ازدياد احتباس السوائل ولم تعُد تظهر على قدمي فقط بل زاد منسوبها لتصل إلى الساق ومع مرور أسبوعين وصل التورم إلى أعلى الفخذ، وكان حينها موعد طبيبتي وهو موعد الأسبوع الأول للشهر التاسع، وفحصت طبيبتي علاماتي الحيوية فكان كل شيء على ما يرام، فقط نصحتني بتكثيف المشي اليومي لتسهيل الولادة الطبيعية، ولم يبدر لذهني أن أخبرها عن احتباس السوائل فقد أجريت فحص تسمم الحمل قبل أسبوعين من الآن وكان سليمًا.

 

بعد ذلك ازداد الأمر شراسةً وسوءًا ولم تعد تسعني معظم ملابسي المخصصة للحمل، وازداد قياس حذائي رقمين إلى ثلاثة، ولم أعد أتمكن من الحركة أو المشي بسبب ضغط السوائل الشديد ووصلت زيادة الوزن إلى 20 كيلوغرام، وهذا فوق الحد الطبيعي لزيادة الوزن أثناء الحمل بعدة كيلوغرامات!

 بدا الأمر صادمًا لكل من يراني فهو يخبرني أن هناك شيئًا يفوق الطبيعي ولا بد من تدخل طبيبتي ولا تكفي طمأنتها لي في الموعد الأخير، حينها قمت بحجز موعد عاجل قبل أن يحين موعدي الأساسي للأسبوع الثاني من الشهر التاسع، وحين وصلت كان الانتظار طويلاً فقررت أن أنتظر لساعاتٍ طويلة ولا أعود لمنزلي حتى أجد حلاً أو تفسيرًا لما يحدث في جسدي، حتى وصل إليّ الدور للدخول إلى العيادة وحين قامت الممرضة بفحص علاماتي الحيوية خصوصًا ضغط الدم ذُهلت من النتيجة وظنت أنها قرأت الرقم قراءة خاطئة فقامت بإعادة فحص الضغط في يدي الأخرى وتكررت النتيجة، فسألتني هل أشعر بالصداع أو أي علامة تدل على ارتفاع الضغط، ولم أكن أشعر بأي شيء من هذا، فأخذت بيدي إلى الطبيبة وأدخلتني وشرحت لها الوضع الطارئ وحينها فحصت الطبيبة أقدامي بالضغط بالإصبع فكانت علامة التسمم أنه بعد رفع الاصبع من القدم لا يعود الجلد لمستواه بل يبقى منخفضًا لثواني، فعلمت الطبيبة بتشخيص حالتي وألقت إليّ بالخبر: تسمم حمل شديد يا مدام!! ولابد من الولادة العاجلة الآن!

فسألتها هل ستقوم بإعطائي الطلق الصناعي لتحفيز الولادة، فأخبرتني بأنه لا يمكن أبدًا القيام بذلك لشدة ارتفاع الضغط وليس أمامنا خيار سوى العملية القيصرية، وذلك بعد أخذ إبر لخفض الضغط قليلاً وبعدها تتم العملية.

تمت الولادة القيصرية على ما يرام، وبدأت بعدها رحلة علاج الضغط المرتفع، في اليوم الأول بعد الولادة بدأ الزوار والمحبين في القدوم لزيارتي، وكان ذلك غير مناسب مع مريض الضغط المرتفع، فتدخلت الطبيبة وطلبت من المستشفى منع الزيارة لي ووضع لافتة على الباب بذلك، ماعدا المقربين جدًا لدعمي، وقررت تنويمي 5أيام حتى تستقر حالتي.

انتهت الأيام ورأت الطبيبة أن تمدد فترة التنويم حتى يستقر الضغط قليلاً لكني رأيت أن راحتي وتماثلي للشفاء سيكون في العودة لمنزل والدتي فهناك لا توجد ضوضاء المستشفى وكثرت الفحوصات الدورية والتي توقظني من نومي مما يبطء راحتي وتماثلي للشفاء، فسمحت لي الطبيبة بالخروج بشرط: النوم الليلي 6ساعات ونوم نهاري3ساعات، وعدم بذل أي مجهود، واتباع حمية مناسبة لمرضى الضغط المرتفع، والانتظام على الدواء، وإبر لسيولة الدم، مع الحرص على الفحص اليومي للضغط وكتابة القراءات.

فعملت بتوصيتها وكانت في تلك الأيام تخف السوائل المحتبسة مع كثرة شرب الماء، فتخرج وتطرح بشكل طبيعي، وأيضًا بدأ الضغط بالانخفاض بشكل بطيء وتدريجي للغاية، ولم يصل للمستوى الطبيعي حتى وصلت لنهاية الأسبوع السادس من بعد الولادة، والحمد لله.

المهم هنا أن تنتبهي لما يقوله جسدك لك، وتسمعي للإشارات ولا تخجلي من الأسئلة الكثيرة والتزمي بمواعيد زيارات الحمل والولادة فصحتك بالدنيا، وجنينك يحتاجك أكثر مما تتخيلين.

 

*لم يتم ذكر اسم صاحبة القصة بناء على رغبتها.

 

لتعرفي المزيد عن تسمم الحمل، اقرئي هذا المقال

تسمم الحمل: أسبابه، علامات حدوثه، وكيف تتعاملين معه

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية