قصص أمهات

تجربتي مع الرضاعة الطبيعية لأربعة أطفال

تجربتي مع الرضاعة الطبيعية لأربعة أطفال
النشر : أبريل 13 , 2022
آخر تحديث : سبتمبر 25 , 2023
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد


قصة مريم آل محمود، أم لأربعة أطفال ومرشدة رضاعة طبيعية


منذ بداية مشواري في رحلة الأمومة كان لدي إيمان كبير بأهمية الرضاعة الطبيعية، رغم قلة المصادر العربية في ذلك الوقت وقلة الوعي بأهميتها للأم والطفل، وقلة وجود محيط داعم أيضاً.

فقد كان في داخلي يقين بأن الله لم يخلق شيئاً عبثاً، والفطرة تقول إن حليب الأم هو أفضل غذاء رباني وجد على وجه الأرض للطفل الرضيع!

(وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ) (7) القصص
(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (233) البقرة.

فقررت أن أشارك قصة نجاحي مع الرضاعة الطبيعية لأربعة أطفال هنا، لعلها تعطي غيري من الأمهات حافزاً ودافعاً للاستمرار في الرضاعة مهما بدا الأمر صعباً في البداية، والاستعانة أيضاً بالأخصائيين وأصحاب الخبرة لأن الرغبة في الرضاعة وحدها لا تكفي، بل يجب أن يرافق ذلك الكثير من التصميم والوعي والثقافة.

بالنسبة لي، لم يأت الموضوع دفعة واحدة، فقد تدرجت بتجارب فاشلة وأخرى ناجحة، وبالرغم من كل الصعوبات التي مررت بها كان الدافع دائماً موجوداً.

طفل مع وسادة أو مخدة الرضاعة

بدأ الأمر بعد ولادتي الأولى لطفليّ التوأم، لم تكن ثقافة الرضاعة الطبيعية سائدة في ذلك الوقت، عام 2013، ولم تكن وسائل التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام فيها حسابات داعمة للأمومة والرضاعة، أذكر أنني حينها كنت أتابع يوميات أسرة أجنبية وكنت أستغرب من حرص الأم على أن ترضع أطفالها رضاعة طبيعية حتى عمر السنتين أو ربما أكثر! كنت أتساءل ما الذي يدفعها لذلك والحليب الصناعي متاح ومتوافر ويقلل من القيود التي يمكن للرضاعة الطبيعية أن تفرضها عليها!

كيف تتجه هذه الأم إلى الرضاعة الطبيعية بينما قلة قليلة من النساء عندنا يرضعن رضاعة طبيعية حتى صرنا نحسبها شيئاً من التراث!

تجربتي الأولى مع الرضاعة الطبيعية


بعد ولادتي.. كانت أول صدمة لي في المستشفى

توقعت أن الأمر سهل وبسيط وفطري.. أنا سأعرف كيف أرضع وتوأمي سيعرفان كيف يرضعان!

لكنني لم أكن أعرف أن الأطفال الخدج يمكن أن يعانوا من صعوبات في الرضاعة والمص والنوم، فلم يعلمني أحد في المستشفى شيئاً ولم يكن هناك أخصائية رضاعة طبيعية أصلاً!

وما زاد صدمتي أنهم وفي المستشفى يعطون الطفل الحليب الصناعي بشكل عادي وروتيني دون استشارة الأم أو سؤالها، وكأنهم يؤكدون على فكرة أن الرضاعة الصناعية أمر مسلم به دون الطبيعية!

ورقة طفل مولود في المستشفى واشتراط الرضاعة الطبيعية

عدت إلى بيتي ومعي رضاعات صناعية جاهزة من المستشفى، فاشتريت بشكل تلقائي حليباً صناعياً، وبالرغم من ذلك حاولت أن أرضع طبيعياً، لكنني اصطدمت بالكثير من المشاكل لم أكن أعرف عنها شيئاً من قبل مثل معاناتي مع تحجر الصدر، وتشققات الحلمات، كما أنني لم أكن أعرف أن شراء شفاط كهربائي أمر ضروري، فاستخدمت شفاطاً بدائياً جداً، كنت أجلس وأحاول بالساعات دون أن أحصل إلا القليل من الحليب، فلم أتمكن من إرضاع طفلي رضاعة طبيعية كما يجب، اشتريت بعد ذلك جهاز شفط آخر كهربائي ثنائي، لكن قلة المعرفة والخبرة لدي أدت إلى جفاف صدري، لذلك لا يمكنني أن أسمي ما مررت به تجربة ناجحة بأي شكل.

 

نجاحي مع الرضاعة في تجربتي الثانية..

كانت تجربتي الثانية مع طفلي الثالث خالد، خلال حملي به كنت أقرأ كثيراً عن مراحل الحمل والولادة والرضاعة، حتى صرت ملمة بها بشكل جيد. وكان هذا أفضل هدية أقدمها لطفلي.

وبعد ولادتي، لم أترك الأمور تجري كما هو سائد، بل كنت حريصة على متابعة أدق التفاصيل فيما يتعلق بطفلي ورضاعته، فطلبت أن يوضع على صدري فور ولادته، وأخبرتهم أنني أريد إرضاعه رضاعة طبيعية، وصدمت مجدداً عندما عرفت أنهم أعطوه حليباً صناعياً دون أن يخبروني! فطلبت أن يبقى طفلي معي في الغرفة طوال الوقت لأرضعه ليلاً ونهاراً. وهذا بالطبع يساعد في إدرار الحليب وإنجاح الرضاعة.

هذه المرة شعرت أنني أسيطر على الوضع بشكل أفضل، وعندما كان يصيبني تحجر في الصدر أو أن إدرار الحليب لدي يكون أكثر من حاجة طفلي، كنت أقوم بالشفط والتخزين، بعد أن شاهدت عشرات الفيديوهات عن الطريقة الأمثل لتخزين الحليب بحيث يغني الأم عن اللجوء للحليب الصناعي، في حالات المرض أو أخذ الأدوية أو العودة إلى العمل أو قلة الإدرار لسبب ما!

قرأت كثيراً عن كل شيء وعرفت عن موضوع انسداد قنوات الحليب وكيف أتعامل مع تحجر الصدر، وما هي مدرات الحليب المناسبة، بالإضافة إلى طريقة ال Power pump التي تساعد في إدرار الحليب.

كما أنني تعرفت إلى حسابات رضاعة طبيعية تقدم معلومات مفيدة جداً كنت أتمنى لو أنني أعرفها من قبل! وكان من أكثر الأمور التي ساعدتني أيضاً خدمة الخط الساخن التي تقدمها أكاديمية كويتية، وتقوم فكرتها على تقديم خدمات استشارات رضاعة طبيعية للأمهات مجاناً، بحيث يخصصون لكل أم مرشدة رضاعة تجيبها عن كل أسئلتها طوال فترة رضاعتها! هل تتخيلون هذا؟!

كما أنني عرفت عن مشكلة زيادة إنزيم اللبيبز في حليب الأم، الذي يغير من طعم حليب الأم المخزن ليصبح أقرب إلى الطعم المعدني فيرفضه الطفل. كان ذلك بعد معاناتي الطويلة مع هذه المشكلة حتى استطعت أن أعالجها بطريقة التسخين قبل التفريز (scalding)، والتي أكدت صحتها لي ثلاث مرشدات في الرضاعة الطبيعية.

والآن وبعد إنجابي لأربعة أطفال ومروري بثلاث تجارب حمل وولادة تدرجت خلالها في إتقان الرضاعة الطبيعية وفهمها، أشعر بالسعادة لوضولي إلى عمر السنة والنصف والحولين الكاملين في الرضاعة، وبفضل الله ظهرت فوائد الرضاعة على صحة طفلي اللذين رضعا رضاعة طبيعية، فكان مرضهما قليل وهم رضع، وصحتهما و تطورهما الحركي والإدراكي ممتاز بفضل الله ثم بفضل الرضاعة.  

طفل يحتفل بعيد ميلاده الثاني

نصيحتي لكل أم..

ثقفي نفسك، فالرضاعة شي فطري، نعم! وربما تتوقعين أنها شيء سهل.. لكن الواقع مختلف! وذلك لأن حياتنا أصبحت مختلفة، فنحن نخرج ونعمل ونعيش نمط حياة مختلف عن جداتنا.

وبالرغم من توفر المعلومات الآن لمن تبحث عنها إلا أن نجاح الرضاعة الطبيعية مرتبط أيضاً بدعم الزوج والأهل، ووجود مرجع يساعد الأم كلما ضعفت او واجهتها صعوبة ما، كوجود مرشدة رضاعة طبيعية.

 للأسف أغلب الطواقم الطبية في المستشفيات لا تدعم الرضاعة عند وجود أي مشكلة كأن يأتي الطفل بوزن قليل، أو أن يعاني من الاصفرار، أو في حالات الأطفال الخدج، فيكون الحل بالنسبة لهم دائماً الحليب الصناعي!

ورأيي هنا لتخرجي من حيرتك، أن تتبعي حدس الأمومة لديك دائماً وأن تستشيري مرشدة رضاعة إذا لزم الأم، وإذا رأيت نماذج ناجحة حولك لامهات أخريات لا تتوقعي أن تجاربهن كانت مفروشة بالورد، لا بد وأنهن قد تعبن كثيراً وواجهن تحديات مختلفة وكثيرة وتغلبن عليها.

فلا تيأسي واستمري في البحث والقراءة والمحاولة دائماُ.

 

كيف أصبحت مرشدة رضاعة طبيعية؟

بعد نجاح تجربتي مع الرضاعة الطبيعية بفضل الله أولاً ثم مرشدات الرضاعة الطبيعية، وبعد أن تعلمت الكثير من الأمور عن الرضاعة بجميع جوانبها. قدّرت هذه النعمة الإلهية وهذا الرابط الجميل بين الأم وطفلها، وقررت أن أساعد كل أم تحب إرضاع طفلها رضاعة طبيعية دون أن يكون لديها بيئة داعمة أو أنها تمر ببعض الصعوبات ولا تجد إجابات لأسئلتها.

فمن خلال تجربتي، استطعت أن أرى الفرق بين أن تكون الأم متسلحة بالعلم والمعرفة والدعم وأن تكون لديها رغبة في الرضاعة فقط!

صرت مدافعة عن الرضاعة، أنصح كل من حولي من الأمهات بها وأشجع عليها، لكن كان ينقصني التخصص. لكن الآن بعد ان درست وأخذت الشهادة وأصبحت من أهل الاختصاص، صارت لدي معلومات كثيرة، وتمكنت أخيراً من تقديم الدعم الذي تحتاجه الأمهات بناءُ على أسس علمية موثوقة، وتجربة شخصية حقيقية كانت الدافع الأول لي قبل أي شيء.

اللهم انفع بي واجعل عملي خالصاً لوجهك الكريم ووفقني لما تحبه وترضاه.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية