قصص أمهات
طيف التوحد أصاب طفلتي ودفعني لتغيير مسار حياتي
قصة سوميه الحجاوي، أم لطفلة
كغيري من أمهات أطفال ذوي طيف التوحد، خضت تجربتي مع طفلتي دانة بكل تفاصيلها ومخاوفها وتحدياتها في رحلة التشخيص والعلاج والدمج، حتى توصلت إلى طريقتي الخاصة في التعامل مع طفلتي وفهم حاجاتها والدخول إلى عالمها..
حتى تعدت تجربتي وما عشته معها حدود التجربة الشخصية، لتصبح كل تجربة لطفل/ طفلة من ذوي طيف التوحد قضيتي واختصاصي وكل ما أعمل من أجله!
تبلغ دانة اليوم 11 عاماً، وهي طفلة جميلة ومدهشة، بدأت رحلتها مع طيف التوحد في عام 2013 حين كان عمرها عاماً ونصف. كان ذلك حين بدأت ألاحظ فقدانها لبعض المهارات الاجتماعية والتواصلية بين ليلة وضحاها، فلم تعد تستجيب عند مناداتها، صارت منعزلة تماماً في عالمها الخاص، لا تنتبه لوجود أحد حولها، بالإضافة إلى اضطرابات النوم.
ظننت حينها أنه من الممكن أن تكون تعرضت لضربة قوية أو حدث لها شيء لم أنتبه له، مرت الأيام ومع استمرار ظهور السمات والأعراض وبحكم خبرتي في مجال التمريض عرفت أن طفلتي تعاني من شيء ما، فهي مختلفة عن باقي الأطفال في مثل سنها،
فاتجهت إلى الطب النفسي للأطفال، إلا أنه تم رفض تشخيصها وهي في هذا العمر مرتين على التوالي، حتى قررت أنا ووالدها ان نسافر بها إلى خارج مملكة البحرين، ليتم تشخيصها مبكراً وهي في عمر السنتين بسمات اضطراب طيف التوحد (Red flags)!
لم يكن الأمر سهلاً في البداية، لكنني استجمعت نفسي وتركت صدمتي ورائي وصرت أبحث عن سبل التدخل المبكر لعلاج صغيرتي، لأنني أدرك تماماً أن هذا ما سيساعدها حقاً!
بحثت في كل سبل العلاج الطبي التي كنت أسمع عنها لأطفال طيف التوحد، وجربت الكثير منها مع طفلتي، إلا أنها لم تنفع في شيء بل إن بعضها قد سبب لطفلتي نوبات غضب عنيفة! ومع مرور السنوات تأكدت أن لا علاج لاضطراب التوحد سوى التدخل التدريبي فقط.
في المراكز التي ألحقتها بها، لم أكن راضية تماماً عن نوعية التدريبات المقدمة، عدا عن لوائح الانتظار الطويلة التي واجهتنا في مراكز أخرى، مما شكل لدي الدافع لتأسيس مركز يساعد الأطفال ذوي الهمم ويدعمهم بأفضل الطرق، أسميته "مركز دانة للتربية الخاصة"، كما أنني الآن استكمل دراستي في تحليل السلوك التطبيقي، لأكون ملمة في هذا المجال من أجل دعم الأطفال من ذوي الهمم علمياً وعملياً، وقد تم اعتمادي كفني سلوك معتمد من البورد الامريكي ومعالجة سلوك دولية من البورد العالمي.
بالنسبة لدانة كان التدريب مكثفاً، وكان هدفي تحقيق الدمج لطفلتي، وبالفعل تم دمج طفلتي من عمر الحضانة وحتى الصف الثاني بوجود معلمة ظل متخصصة مرافقة لها، وفي المساء كانت تحضر الجلسات التدريبية في المركز، إلا أن هذا كان خطئي؛ الاستعجال في الدمج والضغط على طفلتي أكاديمياً بما يفوق قدراتها العقلية!
فأنا كأي أم كنت أريد أن أرى طفلتي تلتحق بمدرسة عادية، فاستعجلت كثيراً بدمجها مما أثر سلباً على سلوكها، لكني وبعد البحث والدراسة، أوقفت الدمج وبدأت من جديد مع طفلتي في العلاج السلوكي المعتمد والمثبت علمياً.
وهي الآن تخضع لجلسات العلاج السلوكي والوظيفي في المركز، كما أنها قاربت عمر البلوغ، وأعمل حالياً على تجهيزها لهذه المرحلة من خلال تدريبها على كل ما يتعلق بأمور العناية الشخصية لتتمكن من مساعدة وخدمة نفسها في البيت مستقبلاً.
نصيحتي لأهالي الأطفال من ذوي التحديات، لا تيأسوا أبداً وتسلحوا بالأمل والتفاؤل، وابحثوا دائماً عن المعلومة الصحيحة من مصادرها الموثوقة فقط.